من الواقع
جعفر باعو
مسلسل الفشل
* أكاد أجزم بأن الكثيرين من أبناء هذا الجيل لم يسمعوا “بحجوة أم ضبيبينة” وبعضهم يعرف بعض تفاصيلها وليس كلها.
* وهذه الحجوة التي كانت تختم لنا بها والدتنا – نسأل الله لها الرحمة والمغفرة والعتق من النار – الحجاوي ونحن حولها عند كل مساء هي أشبه بالكسر الدائري في المرحلة المتوسطة، تلك المرحلة التي كان فيها العلم علماً والأدب أدباً.
* أذكر في تلك المرحلة وتحديداً في مدرسة القوز المتوسطة كان أستاذنا لمادة الرياضيات مالك نور الهدي قاسياً في مادته بيد أنه أفادنا كثيراً في معرفة فنون هذه المادة، ومن قبله أستاذنا في المرحلة الابتدائية كمال عبدالقادر (نسأل الله أن يمتعه بالصحة والعافية)، وأستاذ مالك كانت له اهتمامات عديدة بالثقافات المختلفة (نسأل الله أن يكون بخير وعافية).
* كانت مدرسة القوز المتوسطة عبارة عن داخلية نقضي بها معظم أوقاتنا وتأخذ منا وقتاً أكثر من الذي نقضيه في منازلنا ونهلنا منها العلم والثقافة والأدب من خلال الجمعيات الثقافية وبليلة مباشر وهي ليلة كانت مخصصة أسبوعياً للسمر الليلي مع تناول البليلة عند آخر الأسبوع.
* عموماً الحديث عن التعليم في تلك الفترة يحتاج لمجلدات ولكن ما يهمنا في موضوعنا هذا أن الأستاذين كمال عبدالقادر ومالك نور الهدى جعلانا من المميزين في مادة الرياضيات وبها الكسر الدائري وهو الذي لا نهاية له فيكون الاختصار بالتقريب لرقمين أو ثلاثة وهكذا هي حجوة أم ضبيبينة، فهي لا نهاية لها ولذا يتم اختصارها بنوم من تحكي له الحجوة.
* وهذه الحجوة الآن تشابه إلى حدٍ كبير قصة ما يدور في الساحة السياسية منذ استقلال بلادنا وحتى التوقيع على الاتفاق الإطاري.
* ومن المؤسف جداً أن يكون السودان هو الأغنى موارد في المنطقة المحيطة به وأهله يعانون من الفقر والجوع ونقص الخدمات بسب سوء الإدارات في المواقع المحتلفة.
* وحينما نقول سوء الإدارة نقصد به كل السودان من قصره إلى وزارته وولاياته ومؤسساتها المختلفة التي فشلت في إدارة موارد تحلم بها كل الدول التي من حولنا والتي تبعد منا.
* لا نردي ضرب أمثال بأهلنا في ولايات السودان فحالهم يغني عن السؤال ومعظمهم هجر دياره بحثاً عن الخدمات في الخرطوم، وعند أطراف الخرطوم يكابد المواطن ويصارع الكثيرون من أجل أن توفر لهم الدولة الخدمات المهمة دون فائدة وكذلك الحال في وسطها.
* وحينما نقول أطراف الخرطوم نقصد بذلك أهل هذه الولاية “الأصليين” فهي ليست كما يظنها البعض أنها دون “أهل”، وأطراف الخرطوم هذه يوجد بها ثقل قبيلتي الجموعية والبطاحين وغيرهما من القبائل التي تستوطن إلى جوارهما وجميعهم يحتاجون لتوفير الخدمات الضرورية من صحة وتعليم وأمن وغيرها من الخدمات المهمة.
* وحينما نقول أطراف الخرطوم نعني أن المسافة لا تزيد عن خمسين كيلو من الريف الجنوبي للجموعية ولا تزيد عن 60 كيلو للريف الشمالي للجموعية وعن مسافة تمتد 160 كيلو للوصول إلى أبو دليق حاضرة البطاحين وما بين أبو دليق ومحلية شرق النيل الكثير من القرى والمناطق التي يقطنها أهلنا البطاحين وجلها تحتاج لهذه الخدمات.
* أطراف الخرطوم عنوان بارز لفشل أهل السياسة في إدارة شؤون دولة بحجم السودان مساحة ومورداً، وظل هذا الفشل يلازم الساسة منذ الاستقلال وحتى اليوم حيث يفشلون في تشكيل حكومة من الكفاءات التي تنشل أهل السودان بكل ولاياته من هذا الفقر والضعف التنموي، حتى لا يستمر الكسر الدائري في مسلسل الفشل ونجد نهاية لحجوة أم ضبيبينة.