أما حكاية
بت الكلب الشعيرية
والقصة الشعبية تقول إن شخصاً من البديرية بشمال كردفان وهي من القبائل المشغوفة بحب الشعيرية كان قد ذهب لمناسبة في إحدى القرى بتخوم كردفان ولما كان صاحبنا يعاني من الآم المصران والضغط فإنه فضل في وجبة العشاء الدسمة التي احتوت على كل ما لذّ وطاب من لحوم بجميع مشتقاتها فضل عليها الشعيرية التي اختارت مكاناً قصياً من صينية العشاء، وحينما وضع أول “لقمة” على فمه وجدها مطبوخة بالملح بدلاً عن السكر فصاح غاضباً (بت الكلب الشعيرية).
والأوضاع السياسية وما تمور به من تقلبات في المناخ السياسي تستدعي تلك النكتة في سياقات المشهد السياسي المضطرب وانعكاساته الإقليمية التي تفسرها الزيارات الماكوكية للفاعلين الغربيين في الأزمة السياسية.
والاجتماعات الأخيرة التي احتضنتها الخرطوم لممثلين دوليين يمثلون دول ألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوربي وبريطانيا وأمريكا التي اجتمعت مع قوى الاتفاق الإطاري، ثم المكون العسكري وأعقب ذلك اجتماعاً آخر للرباعية الدولية التي تضم كل من السعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا، وقد أحدثت تلك اللقاءات اختراقاً مهماً أفضى إلى تفاهمات بين مني وجبريل وجعفر الميرغني.
هذه التفاهمات من شأنها إزالة جبل الجليد وتهيئة المناخ لعملية الانتقال السياسي وتكوين الحكومة المدنية وملء الفراغ السياسي الذي أحدثه انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر من العام قبل المنصرم.
ويأمل كثير من السودانيين في الخروج من هذه الأزمة وتشكيل الحكومة المدنية لمعالجة التشوهات الاقتصادية وحالة السيولة الأمنية باتت تشكل مهدداً لحيوات الناس في العديد من مدن السودان نتيجة غياب السلطة وصراعات النخبة السياسية
وكل القراءات تشير الى اقتراب طي صفحات الخلاف السياسي واسقاطاته على المشهد السوداني بالرغم من تباينات مواقف العديد من الفاعلين السياسيين الإ أنه يعد مخرجاً آمناً ويجنب البلاد من الانزلاق إلى أتون الحرب الأهلية.
ومقابل ذلك تنشط دوائر متعددة الى إجهاض مشروع التسوية السياسية بتاكتيكات مختلفة خصوصاً جماعات الإسلام السياسي التي فشلت محاولاتها في الوقيعة بين الجيش والدعم السريع عبر منصات برعت في بث خطاب الكراهية وتسميم المناخ السياسي.
وتلعب تلك الجماعات في تغذية نقاط الخلاف بحيث تتسع دائرته بين المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية بعد أن فشلت في استمالة الجيش إلى معسكرها الذي أرسلت قيادته أكثر من تحذير في عدة مواقع لكل من يحاول اختراق المؤسسة العسكرية لتمرير أجندته السياسية عبرها.
وهو ما صرح به الكباشي في زيارته الأخيرة لجنوب كردفان عن انسحاب القوات المسلحة عن المشهد السياسي حال تم الاتفاق على الإعلان السياسي بمشاركة سياسية فاعلة تفضي إلى الحد الأدنى من الاتفاق.
ومن الطبيعي جداً أن يكون خلاف وتباين في وجهات النظر وهي سنة الحياة التي اقتضت الخلاف والتضاد (الليل والنهار، الموت والحياة، الجمال والقبح) والقيمة المضافة لهذا الاختلاف هو في كيفية إدارته وتوظيفه لمصلحة هذه البلاد.
والساعات القادمة مليئة بالمفاجآت التي قد تقود إلى إنهاء الأزمة السياسية بالبلاد بعد الزيارات الماكوكية للمبعوثين الدوليين الذين وضعوا نقاطاً مهمة على طاولة الفرقاء السودانيين ليتفرغ الجميع بعدها للعمل في إنهاء الحرب الأهلية بالبلاد بمناقشة جذورها التاريخية وأجندتها التي كانت سبباً في الحرب.