اليوم التالي – علي الطاهر
السوريقه، المدماك، الطوب اللين وحتى الطوب الأخضر اسماء متواترة وحاضرة في قائمة (الجالوص) الذي يعد اللبنة الأولى في صناعة المباني السكنية التقليدية في السودان،
ويعتبر (الجالوص)من أقدم مواد البناء وينتشر بصورة واسعة في الدول الأفريقية سيما الفقيرة، وارتبط اسمه بالطبقات الفقيرة؛ لأنه يوفر سكناً قليل التكلفة يوافق إمكاناتهم المحدودة ..
و الجالوص لازال يقف في وجه (العمارة) التي ازدهرت في السودان بصورة كبيرة، بيد أن غابات الاسمنت التهمت معالم غالبية المدن السودانية، وغيرت ملامحها، ولكن البناء (المسلح) لم يستطع القضاء على مباني الطين بشكل نهائي، والتي مازالت واقفة تحارب من أجل البقاء، وكثيراً ما نرى عمارة تتأبط بناية جالوص، أو برج يجاور منزلاً تقليدياً من الطين ..
وتتميز بيوت الجالوص
بالمتانة والعراقة، بجانب بعض الصفات التي جعلت الكثيرين يفضلها على المساكن الأخرى، فنجدها دافئة في الشتاء وباردة في فصل الصيف، وغير مزعجة في الخريف، بالإضافة إلى أنها تقاوم الظروف المناخية المغيرة، و إذا وجدت الرعاية التامة والاهتمام قد تقاوم عقوداً من الأزمنة كما هو الحال، فقد عاش أغلب السودانيين من خلال الحقب الزمنية المتفاوته في بيوت الطين (الجالوص)، بل ارتبطت بحياتهم ارتباطاً وثيقاً فظهرت في كثير من الأغاني والشعر، كما فعل (عاطف خيري) و( مصطفى سيد احمد) في العمل المشترك (بيوت الجالوص):-
(كيف تقرأ المرق وقبال يقع
فوقك سقف..
اتنحنح الجالوص
أمرق على مهلك..
مروق الحنة من ضفر العروس..
واصعد على مهلك
صعود البذرة والروح والشموس)
رغم المصارعة العمرانية الجديدة المسلحة بالاسمنت ومدعومة بالتطور، إلا أن بيوت الجالوص موجودة حتى اليوم، وهي صديقة البيئة وترفض الاستسلام حيث تجدها صامدة حتى الآن في أحياء أم درمان وبحري والخرطوم , كما أنها أساس العمارة في الأحياء الطرفية التي تحاصر العاصمة القومية والمدن السودانية الأخرى، وهنالك حرفيون متخصصون في مباني الجالوص الذي يختلف اسمه من منطقة إلى أخرى، وهو عبارة عن طين متعدد الأنواع معجون بالماء، وقد يستخدم بطرق مختلفة منها الطوب الأخضر، بالإضافة لانخفاض تكلفته، يتميز بسرعة بنائه..
