تعقـيب على منشـور بنك السـودان الخـاص بموجهـات مـنح التمـويل المصـرفي لعام 2023م

سيد الحسن عبدالله

ورد بمنشور بنك السودان رقم (1/2023) والخاص بموجهات منح التمويل المصرفي للعام 2023م، والصادر بتاريخ : 21 رجب 1444هـ الموافق: 12 فبراير 2023م، والمنشور على صفحة بنك السودان، والموجه إلى جميع المصارف العاملة، ورد في {أولاً: إلغاء المنشورات والتعاميم:}، منها:

°°التعميم الصادر بتاريخ 15 يونيو 2022م والخاص بتمويل شراء القمح المنتج محلياً.

:: التعقيب:
إلغاء منشور تمويل شراء القمح المنتج محلياً قرار غير مناسب للوضع الحالي، والواجب استمرار المنشور أو تعديله باستثناءدئه من الحظر أسوة بالقطاعات المستثناة من الحظر وهي أقل أهمية من تمويل شراء القمح المحلي، وذلك لعدة أسباب أوردها في التالي:

1. قطاع إنتاج القمح يعتبر من أهم القطاعات الإنتاجية كسلعة إستراتيجية مرتبطة بالأمن الغذائي.

2. بسبب سياسات وزارة المالية ورفضها شراء قمح الموسم الماضي بالسعر التأشيري، والذي حددته وزارة المالية مع إدارة مشروع الجزيرة والمناقل والشمالية وهو 43 ألف للجوال، مما أضر بالمزارعين، كقطاع منتج، ضرراً بليغاً واضطر المزارعين للوفاء بالتزاماتهم بيع قمحهم بالخسارة وبسعر يعادل نصف السعر التأشيري، حيث وصل سعر الجوال ما بين 22 إلى 24 ألف للجوال.. وكانت النتيجة إحجام الكثير من المزارعين عن زراعة القمح، مما قلص المساحات في الموسم الحالي إلى 15% من المساحة التأشيرية، حسب تصريحات إدارة مشروع الجزيرة والمناقل، وتقلصت المساحات بالشمالية إلى ما دون ال25%

2. إحجام الحكومة عن تمويل مدخلات الإنتاج لقمح الموسم الشتوي الحالي، من الأسباب التي أدت إلى تقليص المساحات المزروعة حسب الطاقة المالية للمزارعين، مما كان يمكن أن يحسب لبنك السودان بالسماح للبنوك التجارية بتمويل القطاع الخاص بشراء السلم لقمح الموسم الشتوي الحالي تصحيحاً لخطأ الحكومة الذي أفقر المزارعين، مما يؤدي دون أدنى شك لزيادة المساحات المزروعة قمحاً {وتلقائياً لتحفيز للمنتجين} هذا الموسم والمواسم القادمة، مما يوفر كميات كبيرة من القمح تساهم بصورة فعالة في توفير الأمن الغذائي، وتخفيض فاتورة القمح المستورد.

°°ثم ورد في {ثانياً: يحظر على المصارف والشركات التابعة لها تمويل الأنشطة /المجالات /الجهات /الصيغ المذكورة أدناه:}، منها :
°°شراء الأراضي والعقارات عدا المسموح بها وفق الضوابط الواردة في الفقرة ثالثاً (1) أدناه.
°°ثم ورد في {ثالثاً: يسمح للمصارف بتمويل الأنشطة /المجالات /الجهات وفقاً للضوابط التالية:}، منها:
°°تمويل التشييد العقاري:
يسمح بتمويل التشييد العقاري شريطة أن تكون قطعة الأرض المراد تشييدها مملوكة للعميل طالب التمويل، على أن يقتصر التمويل على الجهات والمجالات التالية:
°المستشفيات والمرافق الصحية.
°المدارس والجامعات والمنشآت التعليمية.
°السكن الشعبي والسكن الفئوي عبر المحافظ التمويلية المخصصة لهذا الغرض بواسطة الصندوق القومي للإسكان والتعمير.
°تحسين وصيانة المأوى في حدود مبلغ التمويل الصغير على أن يكون المأوى مملوكاً للعميل طالب التمويل.

::التعقيب:
أولاً: السكن الشعبي والسكن الفئوي تحسين وصيانة المأوى ليست بالمبالغ الكبيرة للتمويل، واخطارها محدودة المبالغ على المصارف.

ثانياً: تمويل القطاع العقاري للمستشفيات والمرافق الصحية والمدارس والجامعات والمنشآت التعليمية، بمبالغ كبيرة يجب أخذ منتهى الحيطة والحذر في الاستثناء من حظر التمويل وذلك للأسباب التالية:

1. مستشفيات ومرافق صحية خاصة وجامعات ومدارس ومنشآت تعليمية تعتمد اعتماداً كلياً على عملاء هذه المؤسسات والتي تعاني حالياً من تقلص أعداد العملاء نسبة لتردي الأوضاع الأقتصادية.

2. القوة الشرائية للمواطن تناقصت إلى حد كبير وترغم المواطن على البحث عن العلاج في المستشفيات الرخيصة، والكثيرون اتجهوا إلى المؤسسات الصحية الحكومية والطب البديل والسفر للعلاج بالخارج، لأنه أقل تكلفة من المستشفيات والمرافق الصحية الخاصة في السودان.

3. المؤسسات التعليمية الخاصة المدرسية، حالها يغني عن سؤالها، ولتغطية تكاليفها رفعت رسومها مما أدي إلى هروب أولياء الأمور إلى المؤسسات التعليمية الحكومية كنتيجة حتمية لتردي الأوضاع الأقتصادية.

إن الجامعات رفعت رسومها لدرجة فاقت تكلفة الجامعات الأجنبية خارج السودان، مضافاً إليها مصاريف سكن وإعاشة الطالب بالخارج، مما أدى إلى هروب الكثيرين إلى خارج السودان، كما يتردد هذا العام أن هناك 22 ألف طالب تم تسجيلهم في الجامعات المصرية.

°كل المؤشرات تدل على تناقص العائدات من هذه المشاريع الصحية والتعليمية، مما يهدد مقدرة العملاء على سداد مبالغ التمويل، وكنتيجة حتمية، يقل تقييم العقار الرهن إلى ما دون قيمة القروض.

ثالثاً:
حسبما تردد من القطاع العقاري نفسه إن قرار الاستثناء من حظر تمويل التمويل العقاري سوف يسهم مساهمة إيجابية في تخفيف مخاطر انهيار القطاع العقاري، وحسب تقديري إن دعم هذا القطاع هو أحد أجندة بنك السودان تحسباً لتداعيات انهيار القطاع العقاري، والذي سوف يسهم مساهمة فعالة في انهيار القطاع المصرفي، والمحافظة على القطاع المصرفي من الانهيار هو مسؤولية مباشرة على عاتق البنك المركزي.

في منتدى تقييم الأصول العقارية في ظل المتغيرات الاقتصادية الذي نظمه مركز البحوث والنشر والاستشارات بأكاديمية السودان للعلوم المصرفية والمالية، برعاية بنك التضامن الإسلامي، بقاعة الأكاديمية للمؤتمرات، اليوم في سبتمبر 2023م , أقرت المديرة العامة لإدارة الرقابة المصرفية ببنك السودان المركزي، بتراجع تقييم الأصول العقارية بالتزامن مع هبوط أسعار العقارات التي تستخدمها المصارف كرهونات عقارية لمنح التمويل.

أن قطاع العقار لا يمكن اعتباره ملاذات آمنة الضمانات بالرهن، وعزا بنك السودان المركزي تلك المشكلة إلى ارتفاع معدلات التضخم واستمرار تردي الأوضاع الاقتصادية {وهذا من أكبر مهددات فشل العملاء في السداد}، وزادت مديرة عامة إدارة الرقابة المصرفية بأن انهيار قطاع العقارات لا يهدد القطاع المصرفي، حيث ذكرت المديرة أن شرط القروض برهن العقار أن تكون 75% من قيمة العقار ، مع العلم أن الانهيار في قطاع العقارات فاق ال 30% ، أي أن بيع البنك للعقار المرهون سوف لا يغطي القرض.

كما ذكرت السيدة المديرة: “لدينا محاولات في البنك المركزي لكبح جماح التضخم”.

واقولها بأعلى الأصوات: إن كبح جماح التضخم ليس في يد بنك السودان وحده، حيث كبح جماح التضخم يكون نتيجة عمل جماعي من عدة وزارات ومؤسسات منها الزراعة والتعدين والتصنيع وزيادة الإنتاج، ومساهمة بنك السودان الفعالة في كبح جماح التضخم تتمثل في حصر التمويل على القطاعات الإنتاجية، زراعية وحيوانية وصناعية وتعدينية، بديلاً لما ورد من استثناءات من حظر التمويل، حسبما ورد بمنشور بنك السودان رقم (1/2023)، والخاص بموجهات منح التمويل المصرفي للعام 2023م.

نسأل الله التوفيق والسداد .


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب