حوار الراهن السياسي مع رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل 1_ 2  

 

حميدتي تحالف مع الحرية والتغيير متخذاً منها منصة يعتلي عبرها السلطة وجسراً ينال به رضا القوى الغربية

خلاف البرهان وحميدتي خلاف سلطة وسياسة

تحركات النائب الأول مخالفة للنظم التي تحكم المناصب الدستورية

تكليف برمة مخالف للدستور والواثق البرير يمارس مهاماً سياسية تتعارض مع مهام الأمين العام في التنظيم

 

حوار: مشاعر عثمان

في هذا الحوار الاستثنائي مع مبارك الفاضل المهدي رئيس حزب الأمة كشف عن علاقة ممتدة مع الحركة الشعبية منذ سبتمبر 89 بعد انقلاب الإنقاذ وقال إن هذه العلاقة علاقة سياسية تطورت إلى صداقة أخوية. قدنا من خلالها عملاً كبيراً في كافة المجالات السياسية والاقتصادية وكشف عن الدور الذي تقوم به دولة جنوب السودان في الوساطة هو دور صادق ولا يرتكز على أي مصالح ضيقة وأن سقوط الإنقاذ كان دافعاً أكبر لعلاقات أقوى بين البلدين. إذ أن الإنقاذ حولت الحرب السياسية مع الجنوب إلى حرب دينية، وأمن الفاضل على أهمية الورشة التي انعقدت في جوبا وقال إن أهم ما ناقشته مسألة دمج قوات الحركات المسلحة وأن المراجعات التي تمت تمكن من معالجة القصور، وأجاب الفاضل عن سؤالنا له عن الأوضاع داخل حزب الأمة القومي واصفاً الإمام بالشخصية الاستثنائية وقال إن تكليف رئيس الحزب الحالي مخالف للدستور وأمينه العام يقود السياسة بدلاً عن قيادة التنظيم.

في البدء الزيارة لجوبا سياسية أم خاصة؟

لدي في جوبا علاقات كبيرة خاصة مع الحركة الشعبية التي امتدت علاقتي معها لأكثر من 35 عاماً وأعتبر أول سياسي أقام علاقة وأبرم تحالفاً مع الحركة الشعبية منذ سبتمبر 89 نص الاتفاق على انضمامهم للتجمع الوطني الديمقراطي تحالف المعارضة السودانية الذي وحد لأول مرة في تاريخ السودان المعارضة الشمالية والجنوبية في مواجهة نظام انقلابي واستمرت العلاقة بيننا وأصبحت صداقة أخوية. نحن في حزب الأمة قمنا بخطوة غير مسبوقة حيث قدمنا 13 من شبابنا الخريجين في الجامعات المصرية وذهبوا وأمضوا عامين في الجنوب حيث تدربوا في الكلية الحربية التابعة للحركة الشعبية وكانوا ذلك في إطار بناء الثقة بيننا، وأصبح هؤلاء الضباط النواة الأولى التي أسست جيش الأمة، كما خلقنا علاقات إنسانية كبيرة مع قادتها، عشنا في جوبا وقت الشدة، كانت أول زيارة قمت بها إلى جوبا حضور تشييع الراحل قرنق وقد تفاجأت أن نظام الإنقاذ لم يقم بأي تنمية في الجنوب، وهناك تساؤل لماذا لم يقوموا بعمل سواء كان طريقاً أو مستشفى حيث ظل المستشفى الوحيد الذي ظل يعمل هو مستشفى أسسه الإنجليز. إذاً علاقتنا قديمة مع الإخوة في الحركة الشعبية وعملنا سوياً لمدة 10 سنوات. زرت نيفاشا خلال المفاوضات وكنت وقتها مساعد رئيس، وكان قادة المؤتمر الوطني يقولون لي (أصحابك ناس الحركة) دخلت في وساطة بين قادة الوفدين لكي يستأنفوا المفاوضات حيث كانت متوقفة لمدة ١١ يوماً لإيجاد حلول لكي يعودوا للمفاوضات فذهبت لعلي عثمان وقرنق وعرضت عليهم نقاطاً يلتقي حولها قرنق وعلي عثمان وأمنا عليها لبدء التفاوض وفي المساء اكتشفت أن نافع وعلي عثمان قد قررا عدم منحي غرفة وحدثت مشكلة وتدخل دكتور غازي وأخبرهم أن هذا مساعد رئيس تصرفكم هذا يعمل فضيحة لأن الحركة ستستضيفه، وقد تم منحي الغرفة.

كيف ترى الدور الجنوبي في الحل السياسي في الأزمة السودانية؟

الدور الجنوبي هو الوحيد الذي لا يرمي لمصالح خاصة في السودان لأن استقرار السودان يؤثر تأثيراً مباشراً على دولة الجنوب، فبعد سقوط نظام الإنقاذ الذي كان بمثابة كابوس حيث تم تحويل الحرب إلى حرب دينية وتم منع التجارة وقفل الحدود وكانت التصرفات عدائية وتبنوا المجموعات التي تمردت وكان تدخلهم مباشراً في الصراعات القبلية التي كانت تقع في الجنوب لذلك زوال نظام الإنقاذ كان زوال الكابوس وهم الآن انفتحوا على السودان بحماس وهم الأقدر على التوفيق بين إخوانهم في شمال السودان.

كيف تقيم ختام ورشة جوبا وهذه المعارضة لاتفاق جوبا للسلام؟

الورشة كانت إيجابية لمراجعة هذه الاتفاقية خاصة فيما يتعلق بدمج القوات والقضايا الأمنية وهذا عمل إيجابي مفيد لنرى من كان العائق في تنفيذ بنود الاتفاق هل الجيش أم الحركات لأن هناك قول إن الحركات لم تحضر قواتها إلى مناطق تجميع المقاتلين وهناك اختلاف في الروايات لذا أن الورشة تكشف أوجه القصور وتعمل على معالجتها، لكن من ناحية أخرى فإن اتفاق المسارات الثلاثة أدى إلى رأي عدائي ورافض للاتفاق، كما ذكر الأخ مناوي في خطابه في ختام الورشة. لماذا لم يتم البحث في أسباب هذا العداء والذي في رأيي نتج عن إقحام المسارات الثلاثة الوسط والشرق والشمال وهي ليست مناطق حرب تختلف في مشاكلها ومطالبها التنموية عن المناطق المتأثرة بالحرب. وقد مثلها أشخاص ليس لديهم ثقل سياسي أو تفويض من أهل هذه المناطق. مسار الشرق الذي لم تراعَ فيه خصوصية المنطقة وتركيبتها الاجتماعية وحاجتها التنموية بدلاً عن أن يعالج المسار مشكلة الشرق أدى لتفاقمها وتعقيدها، بل حتى تسبب في صراعات دموية بين المكونات الاجتماعية لذا لا بد من إلغاء المسارات الثلاثة لأن سكان الأقاليم الثلاثة يرون أن الاتفاقية وضعت يداً على هذه الأقاليم الثلاثة بواسطة أشخاص ليس لديهم تفويض ولذلك حدث الرفض والعداء وإذا ركزت الاتفاقية على المناطق المتأثرة بالحرب في دارفور والمنطقتين وراعت خصوصية الشرق ومطالب أهله التي عبروا عنها في مؤتمراتهم المختلفة وتركت المشاكل التنموية لتبحث بشكل عام ومنفصل في إطار قومي لما أثارت كل هذا الغلط وأفرزت مشكلات كما حدث في الشرق والوسط والشمال حيث قامت كيانات مناوئة للمسارات وترون الآن ما يقوم به الصوارمي وأبو عاقلة من استغلال للعزاء والرفض لمسار الشمال من خلال حشد وتعبئة عنصرية كريهة ومرفوضة وهذا أمر مرفوض.

 

خلافات البرهان وحميدتي؟

كل شيء وارد بين البرهان ودقلَو في تقديري هو صراع سياسة وهيمنة على السلطة والأمر الذي صعد الخلاف هو تحالف دقلو مع المجلس المركزي في محاولة الهيمنة على الحكم من خلالهما وبالرغم من أن البرهان وتحت ضغط من الأمريكان حاور المجلس المركزي ووقع معهم الإطاري إلا أنه عاد وتراجع لأن الجيش لم يكن راضياً عن اتفاق ثنائي إقصائي يعيد تجربة الحرية والتغيير الفاشلة في الحكم. كما أنهم يرون أن سيطرة حميدتي على المجلس المركزي يقود إلى هيمنته على الحكومة القادمة من خلال سيطرته على هذه المجموعة السياسية الصغيرة فاقدة الخبرة.

ففي الوقت الذي ظل فيه البرهان يكرر بدعم من الجيش على ضرورة فتح الاتفاق الإطاري ليصبح عملية سياسية شاملة لا تستثني أحداً إلا المؤتمر الوطني استمر حميدتي بالجزم في كل خطبه أن الاتفاق الإطاري سينفذ دون إضافة أو تغيير (مما يفهم أنه تحدٍ للبرهان والجيش) وهو حقيقة بهذا الموقف ذبح الاتفاق الإطاري الذي لا يمكن تنفيذه إلا برضا القوات المسلحة وليس فرضاً عليها وهذا الموقف قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.

أيضاً حميدتي استفاد من تردد الفريق البرهان في جمع الصف الوطني وتشكيل سلطة انتقالية جديدة وأخذ يتحرك كرئيس مطلق مستفيداً من إمكاناته المالية الكبيرة وسنده العسكري والفراغ القيادي والسياسي، ولكن تحركه هذا مخالف للتراتبية الدستورية التي تحدد مهام الرئيس ونائبه. وتسببت في تعقيدات لن تحل إلا باتفاق سياسي جامع وتكوين حكومة مدنية تفرض هيمنتها وتنفذ الاستحقاقات المطلوبة لدمج الدعم السريع وقوات الحركات المسلحة وصولاً لجيش قومي موحد تحت قيادة موحدة ويرجع العسكريون لوضعهم الطبيعي فالوضع الحالي هو وضع استثنائي ينتهي بقيام الانتخابات.

هذا اعتراف بسلطة العسكر؟

أبداً هذا توصيف لأمر واقع تسببت فيه (قحت) المجلس المركزي السلطة الآن عند العسكريين وحتى الاتفاق الأخير عقده المجلس المركزي مع قائد القوات المسلحة وقائد الدعم السريع اتفقوا معهم سراً على تنازل الجيش لهم عن السلطة السيادية مقابل استقلال الجيش عن السلطة المدنية والحصانة، وهو الأمر الذي أشار إليه حميدتي بالاتفاق السري في الدرج هناك نقاط كثيرة لم يتم الإفصاح عنها، بل يمارس المجلس المركزي تضليلاً متعمداً للرأي العام بأن هناك حكومة مدنية كاملة بسلطات كاملة يقابله تأكيد واضح وصريح من قائد الجيش في كل خطاباته بأنه لن يحكم الجيش مدني غير منتخب ولن يكون هناك تسليم قيادة القوات المسلحة إلا لحكومة مدنية منتخبة وذكرها البرهان صراحة في آخر لقاء له مع لينا يعقوب في قناة العربية الحدث لذا نحن نصر على قيام الانتخابات باعتبارها الضامن لتشكيل حكومة مدنية كاملة الدسم.

البرهان تحدث كثيراً عن الانتخابات أنتم كأحزاب لماذا لا تتجهون إلى الانتخابات؟

نحن أول المنادين بانتخابات مبكرة، بل نادينا بأن لا تزيد الفترة الانتقالية لأكثر من عامين، لكن قحت لا تريد انتخابات، وذلك لأن معظم مكوناتها كما كتب الإمام الصادق المهدي لافتات ليست لديهم مصلحة في قيام انتخابات فهم أحزاب جديدة محدودة العضوية وهذا الأمر ليس بجديد فقد حدث من قبل في عام 64 بعد نجاح ثورة أكتوبر تجربة مماثلة حيث سيطر الحزب الشيوعي على الحكومة الانتقالية الأولى بواجهات مختلفة وقرر مد الفترة الانتقالية ولكن الأحزاب الجماهيرية نزلت إلى الشارع وضغطت على رئيس الوزراء أن يحل الحكومة فحدث وتم تشكيل حكومة متوازنة أقامت الانتخابات بعد عام. هذه المرة مضت أربعة أعوام بدون انتخابات. إن لم تجرَ انتخابات خلال سنتين بالأكثر فإن السودان لن يشهد التحول الديمقراطي المنشود وتصبح الأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات والله يستر على البلاد.

أنت واحد من الأحزاب التي تريد الذهاب إلى انتخابات؟

أنا أكثر زعيم حزب ظل ينادي بالتبكير بالانتخابات في كل مؤتمراتنا الصحفية ولقاءاتي وحواراتي الصحفية وفي مخاطباتي للبرهان والقوى الغربية والإقليمية على عكس جماعة المجلس المركزي الذين يسعون لتمديد الفترة الانتقالية إلى عشر 10 سنين لأنهم يعتقدون أن العشرة أعوام ستمكنهم السيطرة على مفاصل الدولة (تمكين جديد)، وعليه يستطيعون التلاعب بالانتخابات والاستمرار في السلطة.

لن يجدوا فرصة في الانتخابات؟

هذه أحلام يقظة إذا بالغنا وجاملناهم نقدر لهم أن يحرزوا مقعداً أو مقعدين. الحزب الشيوعي وهو حزب عريق عمره سبعون سنة لم يحرز أكثر من ثلاثة مقاعد. في السودان الناس تصوت بالثقة في المرشح ومكانته الاجتماعية وحزبه السياسي. هؤلاء شباب معظمهم من العاصمة لا يملكون قاعدة اجتماعية مثلاً هل لأي من هذه الأحزاب الجديدة حلة أو حي في العاصمة الأحزاب الكبيرة مثل الأمة له مناطق مقفولة في وسط وغرب وشرق وشمال السودان وأحياء مثال حي ود نوباوي والثورة القديمة وأمبدة الختمية والاتحاديين في البحر الأحمر ونهر النيل والشمالية وكثير من أحياء بحري القديمة لديهم وجود اجتماعي وجماهيري.

كيف ترى حزب الأمة بعد وفاة الإمام؟

أرى أن الحزب قريباً سيتوحد، أما الوضع الحالي في الأمة القومي بعد رحيل الإمام فهو قريب الى النهاية لأنه استمر باسم الإمام وسايرتهم العضوية في ظروف حزن عاطفية، لكن قوة الدفع العاطفي هذه انتهت (نفد الوقود العاطفي)، وتفجرت الآن الخلافات في أجهزة الحزب وانتفضت قيادات وأجهزة الحزب في الولايات رافضين احتكار القرار السياسي والتنظيمي لمجموعة صغيرة وتغييب القواعد ورافضين إسقاط خريطة الطريق للفترة الانتقالية التي سطرها الإمام الراحل في وثيقة العقد الاجتماعي وأجازتها أجهزة الحزب كافة في المركز والولايات وكان أهمها إعادة الحرية والتغيير لمنصة التأسيس وتوسيع عضويتها بضم كافة القوي السياسية التي شاركت في النضال ضد الإنقاذ.

الإمام الصادق المهدي كان شخصية استثنائية، السفير الأمريكي الأسبق في عهد الديمقراطية الثالثة مستر نورمان أندرسون كتب كتاباً خصص فيه فصلاً عن حزب الأمة قال إن الحزب لديه قيادات متعلمة وذكية ولديها قدرات وذكر ثلاثة أسماء عمر نور الدائم ، بشير عمر ومبارك المهدي، لكن شخصية السيد الصادق المهدي الطاغية Towering يتحول أمامها قادة حزبه الى حواريين باستثناء مبارك المهدي الذي يواجه الصادق المهدي ويقول له أخطأت إذا أخطأ. دستور الحزب كرس كل السلطات السياسية والتنظيمية لدى الرئيس الأمين العام ليس لديه صلاحيات سياسية أو تنظيمية فقط دوره ينفذ السياسات التنظيمية الصادرة من الرئيس والمكتب السياسي. بعد وفاة رئيس الحزب الإمام الصادق كان يجب تشكيل لجنة مصغرة لإدارة الحزب ودعوة الهيئة المركزية خلال ٤٥ يوماً لتنعقد في هيئة مؤتمر وفق المادة ١٦ أ من الدستور لأن الأجهزة الأدنى (المكتب السياسي) لا تستطيع أن تقوم مقام المؤتمر العام أو الهيئة المركزية التي ذاتها تصعد المكتب السياسي من بين عضويتها، كلف المكتب السياسي الأخ برمة ناصر رئيساً لمدة عام وهو تكليف مخالف للدستور وقد انقضى العام والرئيس المكلف والأمين العام رافضين دعوة الهيئة المركزية لأنهم وجدوا وضعاً لا يحلمون به، وهم يعلمون علم اليقين أن الهيئة المركزية ستطيح بهم وستعيد العمل بالعقد الاجتماعي الذي سطره الإمام الراحل وهو بمثابة وصيته السياسية رسم من خلاله خريطة طريق الانتقال وهذه الخطوة ستقضي على المجلس المركزي الذي يستند على اسم الأمة القومي وبدونه لا يسوي شيئاً.

وإنني على ثقة بأن الهيئة المركزية قطعاً ستؤكد على تفعيل وحدة حزب الأمة التي تمت بالدمج في عام ٢٠١١ خاصة أن الهيئة ظلت في كل دورات انعقادها تزين قراراتها بضرورة وحدة حزب الأمة.

الفريق صديق استقال وتراجع عن الاستقالة؟

نعم (زعل) ذهب لحضور حوار فولكر وقال له اسمك غير موجود والأمين العام قال إنك غير مفوض وكانت معه قيادات من الحزب لذلك غضب وقدم استقالته وتمت مراجعته وسحب الاستقالة.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب