اليوم التالي – علي الطاهر
يؤمن الغالبية من السودانيين بأن ثمرة شجرة “القرض” بفصوصها المرة المذاق، هو السلاح الوحيد المتبقي؛ الذي يستخدمه الناس سرًا وجهراً في مواجهة العديد من الأمراض، ويوظفونها بشكل مختلف و بتكتيك وقائي أكثر من العلاج الدوائي والعقاقير..
وبات “القرض” ثمرة شجرة السنط الشهير؛ التي تعد صيدلية سحرية، مطلوبة عند المواطنين ويبحثون عنه بين السلع والأغراض في أزقة وجيوب الأسواق الشعبية وعطارات التيمان التي تفتح محلاتها وتعرض الكثير من الأعشاب التي يستعين بها الناس بطرق مختلفة للوقاية من النزلات وغيرها من الأمراض الموسمية، حيث يتم تركيبها بخلط مكونات بمقادير معينة من القرض والكركدي قبل شرابه، فيما يفضله البعض بخوراً لتطهير المنازل والمساجد، وهذه ليست كل الفوائد التي يتمتع بها القرض فهو يدخل عنصراً أساسياً في تركيبات العلاج الشعبي والبلدي، والتهاب الشعب الهوائية، المسالك البولية، الملاريا، والأمراض الجلدية بحسب الروشتة السرية للطب الشعبي التقليدي منذ قديم الزمان..
وبالرغم من أن السلطات كانت تفرض رقابة وحملات على بعض مركز الطب الشعبي والتداوي بالأعشاب الأحياء الطبية ل ببثَش
، إلا أن الغالبية العظمى من المواطنين يفضلون الذهاب إلى الأسواق لشراء القرض واستخدامه بدلًا من الذهاب لعيادات الأطباء التي أصبح الهروب منها أمرًا واقعيَا لتجنب الصرف المادي وارتفاع فاتورة العلاج بشكل جنوني..
وصعدت “القرض” الفترة الأخيرة درجات على قائمة الأسعار بعدما كان واحدًا من السلع الرخيصة داخل الأسواق ويقول (فيصل ابراهيم) الذي يمتلك عطارة بسوق ستة بإلحاح يوسف : زاد الطلب والإقبال على القرض بصورة كبيرة والسبب إبان جائحة كورونا، أي مواطن وزبون تجده يحمل كيس القرص سرًا في كيس أو داخل جيبه، وبعد انقضاء الجائحة أصبح القرض صديقاًَ حميماً للأسرة، وهذا الإقبال رفع سعر الجوال الواحد لملايين الجنيهات، بعدما كان قيمته رمزية لا تتعدى 500 جنيهاً…ويضيف فيصل : السودانيون يعرفون فوائد القرض منذ قديم الزمان وأن الفص الواحد منه يحتوي صيدلية يعالج الكثير من الأمراض؛ خاصة الالتهابات والنزلات، و يدخل ضمن عناصر بخور التيمان الشهير لطرد العارض حسب اعتقاد الحبوبات، ويجاوز القرض مع بعض العشبيات لفك السحر، كما يتم سحنه وخلطه بالملح والزيت ومسحه على جسد الأطفال للقضاء على الالتهابات الحادة وهو أفضل بكثير من العقاقير الدوائية بحسب روشتة الطب الشعبي التقليدي..
قبل هجمة جائحة “كورونا” التي مرت قبل عامين تقريباً لا يعرف البعض الفوائد التي يحتويها ” فص القرض “خاصة قاطنو المدن و المتحضرون، ولكن اليوم أدرك الجميع قيمته وأصبحوا يضعون في الجيوب والحقائب اليدوية (فص القرض) بدلًا من حبة البندول وشريط المضاد الحيوي..
