محمد عبدالحكم: تفاقم الأوضاع سيجبر الأطراف على عدم الانتظار
إمام الحلو: تشكيل الحكومة ليس هدفاً نهائياً
أحمد حضرة : العمل جارٍ لإعلان رئيس الحكومة
الخرطوم: فاطمة مبارك
الإعلان عن تشكيل الحكومة المدنية خلال شهر رمضان، بحسب ما نوه لذلك اجتماع بيت الضيافة الذي وصف بالمفصلي يوم الأربعاء الماضي، لم يكن بالأمر الجديد، فقبل ذلك سبق أن حدد ائتلاف مركزي الحرية والتغيير والآلية الثلاثية، موعداً لتكوين هذه الحكومة وتوقع حينها ممثل الأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس في لقاء صحفي، أن يتم تشكيلها قبل شهر رمضان، وأكد هذا التوقع القيادي بمركزي الحرية والتغيير محمد الفكي، في ندوة بسنجة عقدت في الأسبوع الأخير من فبراير المنصرم، بالموازاة يجيء هذا الإعلان في وقت يعتقد فيه المراقبون للمشهد أن القضايا التي ظلت تعيق تشكيل الحكومة المدنية لم يحدث فيها أي تقدم، ولازالت المسافات بعيدة بين رؤية مركزي الحرية والتغيير الذي يتمسك بأن التوقيع على وثيقة الاتفاق النهائية، لا ينبغي أن تشمل كل الكتلة الديمقراطية، و يرون أن الفرصة متاحة فقط لحركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم و حركة تحرير السودان أركو مناوي ونائب رئيس الاتحادي الأصل جعفر الصادق، فيما تصر الكتلة الديمقراطية على التوقيع ككتلة وليس أفراداً، وعلى الرغم من أن الاتفاق يراوح مكانه، إلا أن اجتماع بيت الضيافة الذي حضره الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، والقوى المدنية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري، وممثلي الآلية الثلاثية والرباعية والاتحاد الأوروبي، أكد بحسب الناطق باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، أن فراغ الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري والآلية الثلاثية من عقد مؤتمري العدالة والعدالة الانتقالية والإصلاح الأمني والعسكري، سيكون قبل بداية شهر رمضان المعظم. و الدعوة لانعقاد آلية سياسية، تبدأ عملها عاجلاً، لصياغة مسودة الاتفاق السياسي النهائي.
وفي السياق كشف عضو المكتب التنفيذي لقوى مركزي الحرية والتغيير طه عثمان للإعلام عن أن الاجتماع المشترك بين القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري والمكون العسكري، سيجيز ظهر اليوم (الأحد) المواقيت الزمنية لتوقيع الاتفاق النهائي وتكوين هياكل السلطة الانتقالية.
وأعلن عن قرب التوصل إلى اتفاق نهائي وتكوين السلطة خلال شهر رمضان”. طه عثمان كذلك أشار لتكوين لجنة من قوى الإطاري والقوى الرافضة للجلوس والاتفاق حول الانتقال السياسي، مبيّنًا أن المرجعيات هي الاتفاق الإطاري، والإعلان السياسي مع القوى غير الموقعة، واتفاق جوبا للسلام، والوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية.
ومن جهتها أعلنت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) في تغريدة لها، أن الآلية الثلاثية عقدت اجتماعاً بناء مع ممثلي حركة تحرير السودان، مني مناوي، حركة العدل والمساواة، الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل والتيجاني السيسي بشأن العملية السياسية.
تساؤلات:
الإشارات التي أطلقت خلال هذه الأيام معلنة قرب تشكيل الحكومة،
أفرزت عدة تساؤلات في الساحة السياسية من شاكلة، هل ستشكل هذه الحكومة بمن حضر ومن طرف واحد؛ أم أن هناك تحركات لتحقيق توافق مع الرافضين للاتفاق خلال هذه الأيام التي تفصلنا عن شهر رمضان، وما المتوقع حال تكوينها في ظل هذا الانقسام. وماذا عن الإعلان السياسي الجديد الذي أعلنه المجلس السيادي قبل أكثر من شهر، وراحت أنباء بأنه يمكن أن يكون مخرجاً للاختلافات ويذكر أن مجلس السيادة الانتقالي سبق أن أكد التوصل إلى اتفاق سياسي مع الأطراف غير الموقعة على الاتفاق الإطاري. وأوضح – في بيان – أنه عقد اجتماعات برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس، وبحضور نائبه محمد حمدان دقلو، ضمت الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري وغير الموقعة عليه، و تم الاتفاق على “الصيغة النهائية للإعلان السياسي”. وسوف يجري الترتيب لإجراءات التوقيع عليه “بالسرعة المطلوبة” بينما سارعت قيادات في مركزي الحرية و التغيير حينها للقول بأن الإعلان الجديد ليس بديلاً للاتفاق الإطاري.
تعقيدات وضغوط:
بدا واضحاً أن التعقيدات المرتبطة بتباين مواقف القوى السياسية والعسكرية من جهة وبين العسكر أنفسهم، تقابلها تعقيدات وضغوط أخرى؛ حيث ظلت البلاد دون حكومة منذ ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م وفشلت كل المحاولات السابقة في أحداث توافق يقود لتكوينها، كما يبدو أن الدول الرباعية والآلية الثلاثية إضافة للأطراف السودانية قد استشعرت خطورة استمرار هذا الوضع على ضوء الهشاشة الأمنية والاجتماعية التي أصبحت في تفاقم مستمر، إضافة إلى اقتراب المواقيت المضروبة لإعفاء الديون، واعتبار تشكيل سلطة مدنية شرطاً أساسياً لاستئناف المفاوضات مع السودان بشأنها كما تم ربط موضوع تقديم المساعدات الدولية أيضاً بالحكومة المدنية و كان متوقعاً أن تسير الأمور بوتيرة أسرع لولا تعقد الانقسامات ثم المواجهات المعلنة وغير المعلنة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. والحادي والثلاثين من مارس المقبل هو ما ينبغي أن تركز عليه كافة القوى السياسية والعسكرية، لأنه آخر موعد لاستئناف النقاش حول ديون السودان، لاسيما وأنه يعيش أزمة اقتصادية طاحنة لم تشهدها البلاد من قبل.
رفض واستهجان:
الحديث حول قرب تكوين الحكومة المدنية وتشكيل هياكل السلطة قوبل باستهجان من قبل القوى غير الموقعة على الاتفاق الإطاري، حيث اعتبر حاكم إقليم دارفور أركو مناوي اجتماع قائد الجيش بقوى الإطاري تجاوزاً للأصوات المنادية بإصلاح العملية وأكد أنها لن تقود لاستقرار، كما حذرنا وفق قوله.
وفي خضم التباينات بين القوى السياسية، حول موعد تشكيل الحكومة المدنية برزت العديد من الآراء ووجهات النظر.
تسمية رأس الدولة بداية رمضان :
وفي هذا الشأن يقول القيادي بقوى المجلس المركزي للحرية والتغيير، عضو حزب الاتحادي المعارض محمد عبد الحكم، بعد انعقاد الاجتماع المفصلي يوم الأربعاء المنصرم، بين كافة القوى الموقعة على وثيقة الاتفاق السياسي الإطاري، سواء كانت قوى مدنية أو عسكرية، نعتقد أننا بهذه الخطوة نمضي نحو المحطة الأخيرة، لإنهاء العملية السياسية واستعادة التحول المدني الديمقراطي وإنهاء الانقلاب، وأضاف لـ(اليوم التالي): الآن وبعد تشكيل الآلية السياسية لصياغة الاتفاق السياسي النهائي، نعتقد أننا على مشارف إكمال العملية السياسية بإنهاء الانقلاب واستعادة التحول المدني الديمقراطي، ومن ثم تشكيل الحكومة المدنية كاملة وفقاً لما طالبت به قوى الثورة، وضمنته في وثيقة الاتفاق السياسي الإطاري، وأشار عبد الحكم لعدم اعترافهم بما يسمى بالكتلة الديمقراطية، بيد أنه قال هناك أطراف داخل هذا التحالف تم تضمنها كجزء من خارطة وأطراف العملية السياسية، ولا نزال نمد أيدينا بيضاء، للتنظيمات غير الموقعة على الاتفاق والتي شملتها التفاهمات؛ فيما يلي أطراف العملية السياسية، ومضى في حديثه، نحن ننتظر حركة جبريل وحركة مناوي، كما أن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وقع نائب رئيسه السيد محمد الحسن، لكن نعلم أن هناك خلافات عميقة بين الشقيقين الحسن وجعفر؛ لذلك قدمنا تنازلات كبيرة وقبلنا بأن يتم توقيع حزب واحد بشخصين (السيد الحسن والسيد جعفر)، وجزم عبد الحكم بأن تفاقم الأوضاع على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني، ستجعلهم مجبرين على عدم الانتظار كثيراً، وقال نحن لانملك رفاهية الوقت مع حالة الركود الاقتصادي وحلول شهر رمضان المعظم، والانتظار لن يدوم طويلاً، لأن مصالح الشعب السوداني أهم، وقال سننتظر ولكن ليس كثيراً ، وتوقع عبد الحكم إنجاز ملف تسمية راس الدولة السيادي في بداية شهر رمضان، بتوافق كافة القوى الموقعة على وثيقة الاتفاق السياسي الإطاري، وباختيار من قوى الثورة الموقعة عليه، والوصول إلى تسمية رئيس الوزراء الذي سيرأس مجلس الأمن والدفاع ومجلس الوزراء، ويدير شؤون الدولة بشكل كامل بعد ذهاب العسكر للثكنات وخروجهم من المشهد السياسي.
.
توقيت متوقع وليس نهائي:
أما القيادي بالمجلس المركزي للحرية والتغيير، رئيس لجنة السياسات بحزب الأمة القومي إمام الحلو، فيعتقد أن تشكيل الحكومة ليس هدفاً نهائياً، ويرى في حديثه لـ(اليوم التالي) ضرورة إنهاء مراحل العملية السياسية، التي تتمثل في الاتفاق النهائي المترتب على الانتهاء من ورش القضايا الخمس، و أكد الحلو أن الورشة الخامسة والأخيرة، ستبدأ يوم الاثنين القادم، وقال :صحيح تم الاتفاق على المبادئ العامة، لكن لابد أن تنتهي بتوصيات ومن ثم تشكيل الآلية، لوضع مسودة الاتفاق النهائي، وأشار إمام إلى أن المسودة ستعرض على كافة القوى السياسية المعنية، سواء في المجلس المركزي أو غيره، الموقعون في الإطاري أو خارج الإطاري، وأبدى أمله في ان تستوعب كل القوى الوطنية والثورية في هذه المرحلة المفصلية، ومن ثم يتم التوقيع على الاتفاق النهائي بين المكون العسكري والمجموعات السياسية المدنية، الذي يمثل انتهاء مرحلة الانقلاب العسكري والانتقال إلى شرعية المرحلة الانتقالية الجديدة، التي تقوم على مؤسسات مدنية كاملة وسلطة مدنية، وهذه هى المراحل المهمة التي يجب الانتهاء منها، وتمنى أن يتم تشكيل الحكومة في رمضان، لكنه قال ليس قبل الانتهاء من هذه المحطات الرئيسية، في العملية السياسية، وبعدها تنتقل الأطراف المعنية، الى تشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية سواء كان الحكومة أو المجلس التشريعي أو رأس الدولة أو المفوضيات أو الأنظمة أو المؤسسات العدلية، القضاء والنيابة العامة، و لابد أن تؤسس بناءً على تفاهم بين القوى السياسية المدنية أولاً ثم تفاهم مع المكون العسكري، بحيث يتم التأكيد على انصرافه لمهامه الأساسية والبعد عن العمل السياسي.
ولفت إمام إلى أن حزب الأمة يرى هذه المرة ضرورة تشكيل المجلس التشريعي أولاً، على أساس أنه المرجع لشرعية المرحلة الانتقالية المتبقية و الجسم المتفق عليه بين كافة القوى السياسية المدنية و يشكل صمام أمان للمرحلة الانتقالية، وأضاف هذا ما افتقدناه في النسخة الأولى من المرحلة الانتقالية، حيث تم تعطيله، وكان واحداً من أسباب فشل المرحلة الانتقالية السابقة، و دعا للانتهاء من هذه المهام بالسرعة اللازمة، وأشار إلى أن تحديد الحكومة على أساس أنها في منتصف شهر رمضان هذا توقيت متوقع، لكن ليس نهائياً، وعبر عن أمله، أن تشارك كل القوى السياسية والمدنية والمجتمعية والمهنية والنقابية، في مؤسسات السلطة الانتقالية حتى يكون هناك إجماع حولها وتجد الدعم الشعبي والذي يعتبر الأساس في استقرار المرحلة الانتقالية، إضافة للدعم الدولي والإقليمي الذي تقوم به المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ممثلين في الآلية الرباعية.
وتمنى الحلو كذلك أن تنتهي الخطوات النهائية للعملية السياسية بسلام والسرعة اللازمة حتى تنتقل الأطراف إلى تشكيل هذه المؤسسات، ومن ثم تنتقل لإنهاء الترتيبات الأساسية في القضايا المهمة العاجلة، سواء كان تفكيك الدولة العميقة و معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية و استكمال أو مهام السلام ووضع اللبنات الأساسية لصناعة الدستور الدائم، ثم ننطلق للانتخابات العامة، في نهاية المرحلة الانتقالية وانتقال السودان إلى نظام سياسي جديد قائم على أسس جديدة ودستور ومفاهيم، تتم بترتيب وتنسيق بين كل القوى السياسية الوطنية و الثورية.
وبدوره اتفق رئيس الحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي ياسر عرمان مع حلول حول أهمية تأسيس المجلس التشريعي وشدد في تغريدة على ضرورة أن يتزامن تكوين الحكومة المدنية مع تكوين الجهاز التشريعي الانتقالي حتى لا تتكرر أخطاء الأمس، حسب ما قال ودعا ياسر لإعطاء مساحة أكبر للشباب ولجان المقاومة والنساء، وبناء نموذج ديمقراطي جديد للحكم المحلي بمشاركة تلك الفئات.
المساعي مستمرة:
فيما أكد القيادي بالحزب التجمع الاتحادي المعارض أحمد حضرة لـ(اليوم التالي) استمرار المساعي لتشكيل الحكومة الانتقالية القادمة، وقال مؤتمر العدالة والعدالة الانتقالية في خواتيم جلساته، ستعقبة ورشة الإصلاح الأمني والعسكري والتي ستكمل عملها في يومين فقط، ومن ثم الوصول للصياغة الأخيرة لمقررات الورش وتضمينها في الاتفاق الختامي، ثم تأتي الخطوة المنتظرة بإعلان رئيس الحكومة القادم وتكليفه بتشكيل الحكومة المدنية التي تأخرت كثيراً، ولفت إلى أن العمل جارٍ على أن يتم ذلك حتى منتصف رمضان، حضرة جدد قناعة تحالفه، الذي يعتبر، الكتلة الديمقراطية ليست طرفاً في التشاور، وقال.. جبريل ومني كحركات محفوظ لها مكانها بحكم اتفاقية السلام هي من ضمن أطراف العملية السياسية المتوافق عليها من البداية والأمر، ومضى في حديثه، أيضاً كحق لازال مكفولاً للحزب الشيوعي وحزب البعث كأطراف مضمنة في الاتفاق ولها حق التوقيع والمشاركة أن تخلت عن موقفها وقررت الالتحاق بالتوقيع النهائي والمشاركة في الخطوات المتبقية حتى الوصول للتحول الديمقراطي.
لا بصيص أمل :
إلا أن استاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية محمد خليل في إفادة لـ(اليوم التالي) رسم صورة قاتمة للأوضاع في السودان، ووصف الوضع بالمعقد مع عدم وجود بصيص أمل يشير لاجتياز الأزمة، وعلى ضوء هذه الأوضاع استبعد محمد خليل تكوين حكومة في وقت قريب، وأضاف.. الوضع معقد لدرجة أن علماء السياسة والاستراتيجية في العالم اذا أرادوا التنبؤ بما سيحدث في السودان لا يستطيعون في ظل الإشاعات والمراوغة التي تتم من كل القوى السياسية والعسكرية لكسب الوقت وإقصاء الآخر، كما اعتقد خليل أن هناك جهات لايهمها السودان و لاتريد أن تقوم له قائمة.