أداء الوزراء الاقتصاديين.. معالجة الأزمات.. تحديات العمل وفرص البذل والعطاء

 

الخرطوم: علي وقيع الله

بالنظر لواقع أداء وزراء القطاع الاقتصادي في البلاد، نجد أن العديد من الأزمات ما زالت باقية على سطح الأحداث، أو ربما تشعبت إلى حد ما، تلك التي ظهرت دون أن يغض الطرف عنها، حيث تناولها الإعلام المختلف باستفاضة ودقة منقطعة النظير، فما يلفت في الأمر إلى ما هو متصل بأداء المهام في الجانب الاقتصادي بالبلاد، المرتبط بمعاش الناس وتحسين مستوى الدخول بشكل يناسب الواقع المكلوم، تبين أن بعض الإخفاقات والمتاريس التي تأبى أن تزول رغم المحاولات المتكررة لوزراء القطاع الاقتصادي في بذل الجهد الإضافي لمحو آثار القرارات التي يدفع الثمن عنها المستهلك البسيط، كل هذا في ظل تكامل النظام الاقتصادي عبر وجود وزراء على متن كل وزارة على مفردها، فتكمن العديد من المشكلات التي لم يفلح الوزراء بالكد والبذل الممكن لمعالجتها، لذا فإن بعض القضايا الاقتصادية الماثلة تحتاج إلى دراسة حديثة للخروج من الأزمة التي باتت تشكل خطراً على مستقبل البلاد في أمنه الاقتصادي، خاصة أن الاقتصاد ككل يعتبر بمثابة العمود الفقري للبلاد.

المالية والتخطيط
منذ أن تقلد الرجل منصب وزير المالية أظهر مقدرته على إحداث تغيير في منظومة السياسات المالية والاقتصادية بشكل عام، فمنها ما هو إيجابي إلى حد ما جرى تخفيض نسبة التضخم بصورة دورية، ومنها ما هو سلبي على صعيد فرض الضرائب وتوسعها، إذ انعكس ذلك مباشرة على مجمل الأوضاع الاقتصادية التي يجهر بشكواها الطبقات الغنية والفقيرة معاً، مع اختفاء الطبقة الوسطى مؤخراً، فيما وصف المحلل الاقتصادي الدكتور، الفاتح عثمان محجوب، عهد وزير المالية د. جبريل إبراهيم، بأنه يتميز بالصرامة غير العادية في تطبيق شروط صندوق النقد الدولي، بالرغم من غياب الدعم المالي الدولي، ورجح بأن يكون ذلك سبباً لنجاح الوزير ومدير بنك السودان في تثبيت سعر الصرف للجنيه السوداني وتخفيض التضخم من 426% إلى حوالي 93% في غضون عام تقريباً، الذي أكد بأنه إنجاز كبير جداً، بيد أنه يرى أن وزير المالية لم يهتم بتحريك الاقتصاد بعد أن أصبحت سياسات وزارة المالية وبنك السودان خانقة للاقتصاد الوطني؛ لجهة أنه بات قريباً من الشلل، وتم إقفال المصانع وامتلأت السجون برجال الأعمال والمزارعين، وبين – بحسب حديثه ل(اليوم التالي)- أن السبب عدم قيام وزير المالية ومدير بنك السودان بأداء واجبهم تجاه تحريك الاقتصاد، بعد استنفاد سياساته النقدية الانكماشية أهدافها، ومضى بالقول.. باتت مهدداً للاقتصاد ولأمن البلاد بسبب تشريدها للعمالة وتسببها في إفلاس أعداد كبيرة من رجال الأعمال.

الثروة الحيوانية
جاءت اتفاقية سلام جوبا بوزير الثروة الحيوانية، حافظ إبراهيم عبدالنبي، فهو أحد الشباب الذي يأنس في نفسه الكفاءة، ليتم اختياره بمنصب وزير الثروة الحيوانية الاتحادية، تواجه الرجل جملة من التحديات المتعلقة بقطاع الماشية، الذي يعتبر من أكبر القطاعات الاقتصادية المهمة في البلاد، لكن ما تفقده الوزارة منذ عهد بعيد وفي ظل وجوده عليها، إحصائيات رسمية حول تعداد الماشية، هذا بجانب الكوارث التي تظهر من حين لآخر في ما يتعلق بعمليات الصادرات الحيوانية، وربما تلك أبرز نقاط الضعف التي تحتاج إلى جهود حثيثة لمعالجة مكامن الخلل في ظل وجود فرصة تاريخية تنسب للرجل.
و يرى المحلل الاقتصادي، أن وزير الثروة الحيوانية رجل متحمس، بيد أنه لم ينجح في فك الاشتباك بين هيئة الجمارك وإدارة الموانئ حول قضية صادر اللحوم المبردة المتوقف منذ قرابة ستة أشهر وهذا لوحده دليل على فشل الرجل.

قطاع المعادن
بلا شك يظل قطاع المعادن من أبرز القطاعات الاقتصادية المهمة، إذ أظهر ذلك الموجز الإحصائي من قبل بنك السودان المركزي، حيث فاق صادر الذهب أعلى نسبة؛ مقارنة بالموارد الأخرى، كل ذلك يوحي بأن جهداً بذل في السنوات الأخيرة، على يد وزير المعادن، محمد بشير عبدالله أبو نمو، الذي اختير لمنصب وزير المعادن، عقب اتفاقية سلام جوبا، ويعاني قطاع التعدين من أزمة واقعية وغير مرغوب فيها إزاء تنامي ظاهرة تهريب الذهب، فذلك يعتبر عبئاً كبيراً على عاتق الرجل بالوزارة.
وقال د. الفاتح إن وزير المعادن تسبب في نزع أراضي التعدين من الأهالي لصالح الشركات خاصة الأجنبية، مع أن غالب الذهب يستخرجه الأهالي وهو ما يصدره السودان، في الوقت ذاته، منوهاً لعدم استفادة السودان من إنتاج الشركات الأجنبية، و يعتقد أن الشركات الأجنبية تهرب الإنتاج للخارج من دون أن يعود ذلك بفائدة للسودان، بعكس إنتاج الأهالي.

الزراعة والغابات
في السنوات العشر الأخيرة تدهور القطاع الزراعي بشكل ملحوظ، نسبة لتعدد السياسات الزراعية، خاصة بعد ثورة ديسمبر، إذ شهدت العروات الزراعية الصيفية والشتوية تدنياً في الإنتاج و انخفاضاً في الأسعار، بجانب ضعف انسياب الري وقلة مدخلات الإنتاج وارتفاع تكاليفها معاً، الأمر الذي يعتبر تحدياً ماثلاً أمام وزير الزراعة والغابات، أبوبكر عمر البشرى، فهي مهام جسيمة ملقاة على طاولة الرجل لكونه المسؤول الأول عن الزراعة بشكلها الآني والمستقبلي، ليدرك أهميتها ومعالحة إخفاقاتها بتحديد سياسة الزراعة المطلوبة.
وذهب قائلاً : لم يبذل وزير الزراعة والغابات جهداً يذكر لتحسين الإنتاج الزراعي، وعاب في الوقت نفسه عدم محاولة تقديم أسعار تركيزية بالتعاون مع وزارة المالية لهذا العام في ما يتعلق بمحصول القمح، وتابع: لم يقدم وزير الزراعة أية حماية للمزارعين عند هبوط الأسعار ولم يقدم مبادرة للتصنيع أو التصدير وهذا يعني أن وجوده وعدمه سواء.

قطاع الصناعة
تعد الصناعة من أهم بوابات السودان، طالما توجد به موارد هائلة قابلة بأن تدار عملياتها الصناعية محلياً، لكن لم تفلح في ذلك جهود قط، مما جعل معظم الموارد تصدر كخام، ومن ثم تدخل في الصناعات التحويلية، وبالتالي تفقد البلاد سلاسل القيمة المضافة بشكل أو بآخر، هذا ما تفقده الصناعة الوطنية أكثر من أي وقت مضى، وعلى صعيد ذلك تعاني دور الصناعة في هذا التوقيت من اضطرابات كثيرة، فمنها من أوصد أبوابها ومنها من ينتظر جراء عجز الدولة عن إخراجها من المخاطر المصاحبة لعمليات الصناعة مؤخراً.
بينما وصف أداء وزيرة الصناعة، بتول عباس علام، بالفشل الذريع، منوهاً إلى تدهورت الصناعة بشكل تام من دون حماية تذكر، مشيراً إلى هبوط إنتاج شركة السكر إلى أقل من 28% وتدهور إنتاج الأسمنت وأقفلت المصانع السودانية أبوابها جراء السياسات الخاطئة للحكومة، المتمثلة في تعدد الرسوم والجبايات على دور الصناعة.

التجارة والتموين
على غير الخطط الموضوعة في بريد وزارة التجارة والتموين، تمثل التجارة بين الدول لبنة الأساس في بناء علاقات ومصالح مستديمة، وتظهر في بعض الأحيان تعثرات في سبيل إمكانية بناء الثقة والتبادل التجاري بين السودان وبقية الدول، ريثما يفقد الأول القدرة على بلوغ التعاون التجاري في الآونة الأخيرة، نظراً إلى وجود عقبات لم تذلل بعد في ما يتعلق بالصادرات السودانية، لتسهل عملية الانسياب على أفضل ما يكون، لعل ذلك يحتاج إلى بذل جهد قوي لاستعادة دور التجارة الحرة في المدى القريب.
ويرى المحلل الاقتصادي أن وزيرة التجارة والتموين، آمال صالح سعد، لا دور لها في تذليل العقبات أمام الصادرات السودانية سواء مع مصر أو دول الخليج خاصة السعودية أو حتى دول آسيا ودول الإيقاد، وأقر بفشلها في تفهم طبيعة التجارة مع دولة جنوب السودان، قي الوقت نفسه لفت إلى أن حركة التجارة مع جنوب السودان لا تزال متوقفة، بينما تنساب التجارة بين يوغندا وجنوب السودان وبين كينيا وأثيوبيا مع جنوب السودان.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب