يجد أقبالاً كبيراً .. مشروب رمضان الحصري يطفئ نار الأسعار..

 

الخرطوم /مي عزالدين
قبل حلول رمضان بنحو شهر؛ وربما يزيد بقليل، تبدأ الأسر في تحضير الآبري مشروب رمضان الحصري في السودان، والذي يمر إعداده بمراحل قبل أن يصل في الأخيرة “العواسة” التي تتم في العادة بطقوس تشترط تجمع النساء في الحي أو المنطقة في عملية تكافلية؛ حيث تجلب كل واحدة معها ما تيسر من السلع التموينية أو الطعام للمساعدة، ولكن هذه لمة العواسة التي كانت سائدة في السنوات الماضية السحيقة قبل أن تتخلى عنها الغالبية من الأسر في المدن الكبيرة، فيما لازالت تتمسك القرى والمناطق الريفية بتلك العادات العريقة..

ولكن هذا العام الذي لم تُستثنَ فيه نار الأسعار في الأسواق، لم تستطع هذه المرة رفع ثمن الآبري، حيث أطفأ المشروب الحصري لشهر رمضان نار أسعاره، وباتت تكاليف مكوناته رخيصة بعض الشيء لدرجة أن بعض الأسر زادت الكمية قبل فترة طويلة، حسب العادات والتقاليد العريقة تمهيداً لاستقبال الشهر العظيم الذي أصبح على الأبواب..

وبالرغم من الظروف القاسية التي تمر بها البلاد تحدت العائلات والأسر الوضع المأساوي وقامت بتحضير المشروب؛ حيث يتصاعد الدخان مصحوباً برائحة الآبري من داخل البيوت بالأحياء الشعبية وتملأ الشوارع، ولجأت الغالبية من نساء المدن استئجار “عواسات” متخصصات، فيما اختار بعضهن شراء “الآبري” الجاهز الذي وصل سعر”اللفة” الواحدة منه 500 جنيه، فيما أصبح سعر الجردل الذي يعد مقياساً تقليدياً ما بين 8 إلى 9 آلاف جنيه، وهو يعد ثمناً مناسباً مقارنة بالوضع الاقتصادي المتراجع..

وتقول امرأة من مدينة أم درمان متخصصة في بيع الآبري : أعتقد أن سعر الآبري هذا العام مناسب رغم الوضع الاقتصادي الصعب وارتفاع الأسعار بطريقة جنونية، إلا أن مكونات الآبري المتمثلة في الذرة المحلية والبهارات وغيرها ظلت أسعارها ثابتة، وهذا بدوره أدى لاستقرار ثمن “الحلو مر” حيث باتت القطعة الملفوفة الواحدة ب500 وهذا السعر مناسب ويمكن للأسرة أن تشتري كل الكمية التي تكفي الشهر بأكمله، وتضيف : على عكس السنة الماضية، حيث أثر ارتفاع الأسعار على حركة الشراء الزبائن، حيث اشترى بعضهم كمية أقل مما كان في السابق، فيما تخلى آخرون عن بيعه وبحثوا عن بدائل، وحتى الذين يشترون الآبري إلى أهلهم في السعودية والخليج وغيرها في دول الخارج غالبيتهم صرفوا النظر، ولكن هذا العام عادت الأمور لنصابها.

ويتم تحضير الآبري بوضع اولاً الذرة نوع “الفتريتة” على الخيش وترش بالماء لأيام حتى تنبت وتسمى هذه العملية بـ”الزريعة”، بعد ذلك تجفف الذرة النابتة وتطحن وتطبخ في النار لتصبح “مديدة” توضع عليها أنواع معروفة من البهارات، ثم تأتي بعد ذلك عواسة المديدة في صاج ثم تجفف وتحفظ اللفافات داخل أوعية أو كراتين حتى دخول رمضان الذي فيه يتم وضع لفافات الآبري في الماء منذ الصباح وعند اقتراب موعد الإفطار يتم تصفيته ويضاف إليه السكر والثلج ويقدم مشروباً مفيداً وحصرياً..

يتفق الجميع على أن الآبري المعروف ب”الحلومر” مشروب مرتبط بشكل وثيق بشهر رمضان، وله قيمة معنوية كبيرة باعتباره ضمن العادات والتقاليد المهمة عند المجتمع السوداني..