مواقع التواصل الاجتماعي .. كارثة التفكك الأسري

اختصاصي علم اجتماع: التفكك الأسري نتيجة الاستخدام الخاطئي للتكنولوجيا
اختصاصي نفسي: وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت في نشر الفتنة
طلاب جامعات: باب الحريات المطلق في مواقع التواصل سبب الكارثة
تطور مذهل شهده العالم خلال السنوات الأخيرة بفضل النهضة المتسارعة في عالم التكنولوجيا وأدواتها المساعدة خاصة تلك المرتبطة بالهواتف الذكية، التي جعلت العالم عبارة عن غرفة مصغرة في المنزل، بل يمكن إدارة شأنك من خلال زر في الهاتف لإكمال معاملة في أي جزء من بقاع الدنيا، وربما تلك الإيجابيات للنهضة التكنولوجية في مختلف المجالات بيد أن التأثيرات السالبة خاصة للهواتف تمثل خراباً وفتناً قد تمتد لتفكك المجتمع.. (اليوم التالي) تناولت بعض السلبيات المتعلقة باستخدام منصات التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية ومضار تلك الاستخدامات على حياة الأفراد والأسر قبل المجتمع.
الخرطوم: نون موسى
الفتن القبلية
لم تعد هنالك من إجابة واحدة على السؤال بشأن ما هي الآثار السالبة من استخدام التكنولوجيا على المجتمع، وذلك بالنظر إلى المظاهر التي بدأت تطفو وتتجاوز السطح، كما أنه لم يعد هنالك سر يمكن الاحتفاظ به لفترة بعيداً عن أعين الناس فمن أسهل الأشياء أن يتم التقاط صورة لك، وأنت لا تدري وربما هذه الصورة غيرت مسار حياتك ووضعك الاجتماعي.
حيث توجد آلاف الصور ومئات الفيديوهات حملتها منصات التواصل الاجتماعي وهي تحرض على هدر حياة الإنسان، ومواد ضارة بوحدة النسيج السوداني والأفراد عامة.
مدخل
المحاضر في الخدمة الاجتماعية بجامعة النيلين الأستاذ جهاد يوسف قال لـ(اليوم التالي) إن وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر من الوسائل الحديثة والمستحدثة التي أحدثت طفرة عالية في التواصل الاجتماعي لدى الأفراد. وأيضاً هي وسيلة لنقل البيانات والمعلومات من شخص لشخص آخر عبر الهاتف أو أجهزة الكمبيوتر وغيرها، عليه فإن استخدام هذه الأجهزة قد أحدث أضراراً عديدة، ومشكلات اجتماعية كبيرة مع وجود جملة من الإيجابيات والسلبيات.
وأكد جهاد أن أي موقع من مواقع التواصل الاجتماعي سواء كان” فيس بوك، واتساب” لها إيجابيات وسلبيات؛ أما الأضرار فتتمحور حول خلق عزلة اجتماعية خاصة داخل الأسرة، أما في المجتمع السوداني فنجد الكثير من الأسر السودانية (محافظة) على بعض العادات والتقاليد المرتبطة بالتواصل الأسرى، أو ما يسمى بـ(اللمة) وغيرها، لكن نفس الأسرة عندما ما يتعلق الأمر باستخدام بمواقع التواصل الاجتماعي يكون كل فرد منعزلاً عن الآخر، وبالدارجي السوداني “مشى جنبة”، مشيراً إلى أن هذه العادات لها أضرار وتأثير في المجتمع، وتؤدي إلى تفككه، وأضاف: أثبتت دراسات أن معظم التفكك الأسري ناتج عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة خاطئة، خاصة لدى المرأة “المتزوجة” التي تنشغل عن واجبات المنزل، وهذا الانشغال والإهمال يؤدي بدوره إلى حالات الطلاق.
مشدداً على ضرورة فهم التواصل بطريقة جيدة وصحيحة من أجل إرساء قيم أفضل للأجيال القادمة.
ويرى جهاد أن مواجهة التداعيات الخطرة للنهضة التكنولوجية؛ التي ستبقى تنتظر المجتمعات في بهجة استيراد كل جديد، وضرورة أن يكون هنالك تفكير لعدم الوقوع في الخطأ، لأن كل ما ينشر خطأ يؤدي إلى فتن وصراعات بين الأطراف المجتمعية، وأن أهم إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي أنها تدعم التسويق ويستطيع الشخص أن يسوق لنفسه عن منتجاته وغيرها؛ خاصة في مجال الخدمة الاجتماعية، أما الإيجابيات الأخرى، فتكمن في متابعة الأخبار العالمية، وتتيح لطلاب الجامعات مواكبة المعلومات المختلفة عكس ما كان يحدث سابقاً قبل ظهور التكنولوجيا كان يتم اللجوء إلى المكاتب والأرشيف، والعصر الحاضر أصبحت الوسيلة مستحدثة من خلالها يمكن الوصول إلى المعلومة بصورة أسهل وأسرع.
كاشفاً عن أن الأشخاص الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي للإساءة الناس من نشر وفتن، ربما يعانون من أعراض نفسية واجتماعية، وبالتالي نتيجة للصدمة التي تعرضوا لها يمكنهم استخدام بعض الصور في صراعهم مع الآخرين.
ووجه جهاد صوت نداء للآباء والأمهات والشباب أن يحافظوا على مجتمعهم السوداني من خلال القيم والمبادئ وعدم إشاعة الفتن التي لا تشبه السودانيين.
مراقبة المنصات
اختصاصي علم النفس بوزارة الصحة محمد نور قال لـ(اليوم التالي) رغم إن الثورة السودانية التي اندلعت مؤخراً جاءت لأجل التغيير المطلوب في السلوك المجتمعي، وتغيير المفاهيم السابقة التي حملت في طياتها نوعاً من محاولات الإساءة والاستهتار والتقليل من شأن بعض المجتمعات الأخرى.
وأكد نور أن هذا السلوك قد يسهم في إثارة الأعراض والصراعات القبلية، مبيناً أن كثيراً من الدول قد تضع قرارت وتفرض قيود تتعلق بالرقابة على هذه الوسائل، حتى يمكن التقليل من الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي؛ خصوصاً في ما يتعلق بإثارة الفتن والنعرات بين الشعوب المحلية.
وأشار إلى أن منصات (فيس بوك أو واتساب)وضعت قيوداً تتعلق بنشر المواد أو الموضوعات ذات الصلة بالفتنة أو خطاب عنصري أو خطاب كراهية؛ حيث يتم أحياناً إغلاق الحساب ويخضع إلى رقابة مباشرة، والرقابة لايقصد بها التجسس، بينما يقصد منها مراقبة أي مادة أو موضوع يثير الفتنة أو الكراهية، ويحسم بطريقة إدارية من قبل الجهات المسؤولة في تلك المنصات. وقال نور إن أهمية اتخاذ الدولة لإجراءات وفرض قيود تحفظ هيبتها وتحمي النسيج الاجتماعي من التمزق من خلال محاربة ومنع ذيوع أو انتشار الفتن، خصوصاً أن السودان أمضى سنوات عديدة يعاني الصراعات القبلية والمناطق التي اشتعلت فيها الحروب تحديداً في الأطراف.
كما أن الكثير من الأزمات والفتن التي حدثت بين بعض الدول، مؤكداً في حديثه.. كان سببها الرئيس وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نشر الفتن والأكاذيب، وهي من القضايا الكبرى التي يجب أن يعاقب عليها القانون، لأنها تفرق بين الناس وتحدث كراهية بين القبائل سواء داخل الحي أو المدينة.
تربية الأجيال.
لن تكون هنالك أمة واعية وناهضة دون أن تبذر في نفوس الصغار الخير والتكافل وطيب الأخلاق، والمتابع للأوضاع المجتمعية في بلادنا؛ يلاحظ تدهور وسقوط مريع في كثير من المناحي المتعلقة بالتربية والأخلاق لدى الأجيال الناشئة، مما ينذر بالخطر وربما تكون تلك من الآثار السالبة لوسائل التواصل الاجتماعي على الأسر، وفتح الباب لها على مصراعيه؛ لتدخل المنزل دون رقيب في ظل غياب التوجيه ورعاية ولي الأمر.
وعلى الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي جلبت العديد من الفوائد؛ مما سمح لنا بالتواصل بكل سهولة بين طلاب الجامعات، وساعدت في البحوث العلمية، ولكن البعض استخدمها بصورة غير جيدة؛ بسبب العزلة الاجتماعية وإدمان الإنتريت والفشل الدراسي واكتساب عادات سيئة.
وعبر عدد من الطلاب لـ(اليوم التالي) عن رأيهم بشأن ما يجري في المجتمع والتداعيات السالبة في استخدام الهواتف النقالة الذكية، تقول الطالبة منال التي تدرس في جامعة السودان، إن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدتني في التواصل مع أصدقائي من خلال استخدام واتساب وفيس بوك، في تبادل المقررات الدراسية والنقاش العلمي بشأن مادة ما.
وأضافت أن تلك المنصات الاجتماعية قد ضاعفت من خبرتها العلمية، واكتشاف العديد من المعلومات، وتشير الى أن تلك التكنولوجيا المتسارعة دون شك لها سلبيات؛ ومن أهمها وجود مساحة حرة دون قيود للتعبير، وليس عليها رقابة من قبل الإدارات المتخصصة في تلك المنصات، وإن بدأت حركة لتقييد بعض الممارسات الشاذة والمتعلقة بالحريات العامة وحرية الأديان، ومؤكدة أن هذه المسألة غيرت في المجتمع السوداني كثيراً جداً، وأثرت تأثيراً سلبياً في العلاقات الاجتماعية بين بعض المكونات السكانية.
بالمقابل قال بشير أحمد الطالب في كلية الإعلام بجامعة السودان، إن علينا استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بصورة جيدة ومقبولة على المجتمع السوداني؛ لأنها تعتبر حلقات وصل بين المجتمعات السودانية، مناشداً المجتمع بأهمية إطلاق حملات التوعية والتحذير من سوء استخدام منصات التواصل الاجتماعي في ما لا يخدم الناس إيجاباً، وحث رفاقه من الشباب على إحسان وتوظيف التقنيات الحديثة لخدمة الناس وتطوير الذات؛ وليس العكس.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب