هل ستكون الحيوانات مصدراً لزراعة الأعضاء؟

 

د. نُهى عبد الله بن ملافخ

أول عملية زراعة عضو في التاريخ كانت زراعة كلى أجريت في عام 1933 بالاتحاد السوفياتي السابق. ولكن الكلى الممنوحة للإنسان المستقبِل لها، لم تنجح في إنتاج البول، ونجم عن ذلك وفاة المريض بعدها بيومين.

لم يسجل أي نجاح ملموس في محاولة زراعة الأعضاء حتى عام 1954؛ حيث نجحت عملية زراعة الكلى بين توأم متطابق، وقد عاش المريض المستقبل للكلى لمدة 8 أعوام. وتلت تلك المحاولة زراعة للرئة في عام 1963، وأعقبتها أول زراعة قلب في عام 1967. وفي السنوات الأخيرة، انضمت عمليات زراعة الرحم، وزراعة الوجه، وزراعة اليد، إلى الحلول العلاجية الزراعية للأعضاء وبدرجة من النجاح.

وتتطلب جميع عمليات زراعة الأعضاء مطابقة الشخص المانح للشخص المستقبل، وتلجأ إلى استخدام العلاجات المثبطة للمناعة لتقليل رفض الجهاز المناعي الأعضاء المزروعة. ولكنها بقيت مشكلة قائمة مع استمرار مشكلة النقص في الأعضاء المتبرع بها والتي تبقي المرضى على قائمة الانتظار لفترة طويلة.

وحديثاً؛ حظيت عملية زراعة قلب خنزير معدل وراثياً للمريض ديفيد بينيت في الولايات المتحدة بنجاح كبير؛ إذ إنها كانت الأولى من نوعها، حيث استبدل الأطباء بقلب المريض قلباً من مصدر حيواني معدل وراثياً. وكانت العملية خياراً أخيراً للمريض الذي كان ينازع للحياة. وأسهمت العملية في إسعاف المريض وتعافيه لفترة من الزمن. وسبقت هذه العملية محاولة لزراعة الكلى من المصدر الحيواني نفسه المعدل وراثياً لشخصين متوفين دماغياً وتكللت بنجاح مماثل.

بالإضافة إلى زراعة القلب والكلى من المصدر الحيواني، توجد عمليات زراعة البنكرياس والكبد، وهذه أمثلة للذكر وليست للحصر. وتُعرف منظمة الصحة العالمية هذه العمليات بأنها أي إجراء يتضمن الزرع أو الغرس أو التدفيق للخلايا، أو الأنسجة أو الأعضاء، من مصادر حيوانية غير بشرية إلى جسم بشري.

اللافت في الأمر أن استخدام الأعضاء الحيوانية لزراعتها في أجسام المرضى المحتاجين إلى أعضاء بديلة يعدّ مصدراً مستحدثاً لإمدادات الأعضاء والخلايا في التطبيقات العلاجية، وهو بذلك يحل مشكلة نقص الأعضاء الإنسانية من المانحين، والتي تعوق عدداً كبيراً من المرضى المحتاجين عن العلاج بشكل عاجل وتبقيهم لفترة طويلة في قائمة الانتظار إلى حين توفر العضو المناسب، وقد تتسبب في تفاقم الحالة الذي قد يصل إلى حد الوفاة في حال عدم توفر المانح المناسب.

ومع وجود فكرة استخدام الأعضاء الحيوانية لتغطية النقص في عدد الأعضاء المتبرع بها، وتطور الهندسة الجينية، انتعشت محاولات العلماء والباحثين لحل هذه المشكلة التي تواجه الرعاية الصحية. فـ«تقنية التعديل الوراثي» المسماة «تقنية كريسبر» وفرت حلاً لأزمة رفض الأعضاء مناعياً في الجسم المستقبل عن طريق تثبيط عدد من الجينات في العضو الممنوح والمسؤولة عن الاستثارة المناعية.

ومع تعاظم الأمل في وجود الإثباتات السريرية على نجاح عمليات زراعة الأعضاء المستمدة من مصادر حيوانية؛ فإن ثمة الكثير مما يجدر بالعلماء والباحثين تعلمه مع وجود عدد كبير من المعوقات الأخلاقية والتقنية؛ إذ إن الحاجة إلى مسرعات بحثية وتطبيقات سريرية لإنقاذ حياة المرضى وفهم المعوقات الحيوية والآثار الجانبية، حتمية في زراعة الأعضاء. وهذه لا تلغي مستقبل إيجاد بنوك أعضاء حيوانية لاستخدامها في العلاجات التطبيقية.

ولكن هل من الممكن أن يتقبل مجتمع كمجتمعنا العربي الإسلامي مثل هذه الحلول الطبية المبتكرة؟ وهل من الممكن أن يكون العلاج البحثي السريري خياراً متاحاً للحالات الميؤوس منها كما حدث مع المريض بينيت؟

* باحثة سعودية في التقنية الحيوية

 


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب