أحمد حسن الأمير
تتلخص الثقافة المجتمعية في كونها تطوير وتحديث للمعارف المحلية التقليدية وإضافة أخرى لهدف تحسين معاش الناس وتحسين الوضع الاقتصادي من خلال الحصول على المعارف وإدارتها وتطبيقها وتقاسمها ونشرها عبر الإرشاد الزراعي.
ظهر الإرشاد الزراعي في العالم بمعناه المفهوم في القرن التاسع عشر حيث بدأ وليد الحاجة إلى توعية القائمين على الإنتاج الزراعي وهناك تعريفات ومفاهيم كثيره للإرشاد الزراعي نذكر منها:
هو عملية تعليم غير مدرسية رسمية (بعيداً عن التعليم المدرسي الرسمي)، فهو أحـد أنـواع تعليم الكبار يهدف أساساً إلى تطوير وتقدم المزارعين.
هو تطبيق البحث العلمي والمعرفة الجديدة للممارسات الزراعية.
هو عبارة عن نظام إرشادي ذو برنامج محدد، جمهوره من أهل الريف ومحتواه زراعي يهتم بإنتاج المحاصيل والأشجار المثمرة، المواشي، التسويق، صيد الأسماك، الغابات، والتنمية الريفية.
إذا نظرنا لهذه التعريفات والمفاهيم الخاصة بالإرشاد الزراعي نجد أنها تتلخص في كونها تغيير سلوك سلبي موجود الى سلوك إيجابي ونقل معارف للفرد والمجتمع وإدارتها فهذا هو دور المرشد الزراعي.
المجتمع السوداني الريفي له ثقافات هي مدخل المرشد الزراعي لإحداث التغيير في الريف ويمكن أن يستفيد منها المرشد الزراعي في تقديم رسالته الإرشادية ونذكر منها على سبيل المثال :
الضرا :
هو المكان الذي يجتمع فيه المواطنون بالقرية أو المدينة لتناول وجبة الغداء أو العشاء وبعد تناول الوجبة يتناقشون فيما بينهم في أمور كثيرة خاصة بالمجتمع والزراعة والثروة الحيوانية والمراعي والاقتصاد والسياسة وغيرها ويمكن أن يستغل المرشد الزراعي الضرا لتقديم رسالته الإرشادية والضرا يبني الشخصية ويعلم الحديث وكثير من القضايا الخاصة بالمجتمع والخلافات المجتمعية وخلافات الموارد الطبيعية يمكن معالجتها في الضرا..
لذلك لا بد من المحافظة على هذا التقليد كموروث وثقافة لأنه يخدم قضيتين أساسييتين هما التكافل الاجتماعي والسلوك والتفكير الجماعي.
النفير:
النفير مفهوم تكافلي موجود في المجتمع السوداني فهو تقليد موروث وثقافة إيجابية يربط الفقير بميسور الحال فهو يؤصل روح التعاون ويربط المجتمع مع بعضه ونجده ممارس في كثير من العمليات الزراعية في الكديب والحصاد ودق الذرة وحصاد الكركدي (ضحوة/سربة/ سهرة) تذبح فيه الكرامات وتصنع الزلابية بالشاي وغيرها ويتناولون أطراف الحديث (الونسات) ويمكن أن يستغل المرشد الزراعي هذه الفرصة لتقديم رسالته الإرشادية.
الجودية:
هي عملية وساطة لإصلاح ذات البين في المجتمع وعادة تتم بواسطة حكماء المجتمع لمعالجة قضايا المجتمع الداخلية ونزاعات الموارد الطبيعية فالوسيط لابد أن يكون محايداً ومقبولاً لدى الطرفين ويمتاز بسمات القيادة التي بدأت تضعف في هذا الزمن وقد حدثني صديق وزميل لي من أهل دارفور في اختيار قياداتهم قال لي: نحن نراعي السمات الآتية عند اختيار قاداتنا، فالشخص الذي نختاره يجب أن يكون ((بيته بيِّن… قدحه لين… جيبه بدين.. سيفه بزين)!!
(بيته بين) تعني الشهرة والقبول المجتمعي أي بيته ظاهر للذي يقصده للحاجة.. (قدحة لين) دلالة على الكرم والإطعام، (جيبه بدين) دلالة على الشهامة وسد الحوجة (سيفه بزين) دلالة على الشجاعة
فهذه هي سمات القيادة..
فيمكن أن يستغل المرشد الزراعي والمجتمعي الجودية لتقديم رسالته الإرشادية المجتمعية.
الفزع:
الفزع تقليد إيجابي والفزع يكون في حالة الكوارث الطبيعية والإنسانية مثل النيران والسرقات والسيول وغيرها من الكوارث الطبيعية والكوارث الإنسانية.
أيضاً يمكن أن يستغل المرشد الزراعي تقديم رسالته الإرشادية للحد من الكارثة ويقوم بدور المرشد المجتمعي.
أيضاً الحكامة والغناية والهداي وشاعر القرية وإمام المسجد وشيخ المسيد والمعلمون يساعدون المرشد الزراعي في تقديم رسالته الإرشادية.
عموماً الإرشاد سلوك ورسالة وحضور وقبول مجتمعي، فالمرشد لابد أن يتصيد المناسبات المجتمعية لتقديم رسالته الإرشادية التي ينشد فيها التغيير الإيجابي ونقل المعارف للمجتمع وإدارتها وتقاسمها وملاحظات المجتمع فيها وتعزيز المفاهيم الإيجابية المجتمعية لنحصل على مجتمع متماسك ومتعافى صحياً ونفسياً ليساهم في العملية الإنتاجية والاقتصادية.