النيل الأزرق.. الطرق شريان النماء والتطور

النذير إبراهيم العاقب

لا شك أن الطرق، وبكل مسمياتها، داخلية أو قومية، أو دولية، تشكل أهمية كبيرة بالنسبة للوطن والمواطن كذلك، من منطلق تأثيرها المباشر في حركة نقل المواطن والبضائع معاً، الأمر الذي يحتم على كل جهة مسؤولة في الدولة أو الإقليم أو المحافظة العمل الجاد لجهة رصف الطرق بأحدث التقنيات المطلوبة في هذا الخصوص ولأجل تسهيل عملية التنقل والنقل معاً، سواء للمواطنين أو نقل البضائع من مكان إلى آخر، بحكم أن قطاع النقل والمواصلات يعتبر من القطاعات الناهضة جداً للاقتصاد الوطني، ولما يوفره من تأمين حركة نقل الركاب والبضائع على النطاقين المحلي والدولي، وما يلعبه من دور رائد في دفع حركة الاقتصاد وتقديم الخدمات للقطاعات الإنتاجية والخدمية الأخرى، فضلاً عن توفيره الكثير من فرص الاستثمار وإيجاد فرص للعمل، فبواسطة الطرق نتمكن من نقل الحاصلات الزراعية من مراكز إنتاجها إلى موانئ التصدير، وبواسطتها نتمكن من نقل البضائع والسلع المصنعة والمستوردة من البلاد الأجنبية إلى مراكز الاستهلاك في داخل البلاد، وبواسطتها ينقل الأشخاص من أي مكان في العالم إلى مكان آخر .

ولجميع تلك الأسباب أصبحت مشاريع الطرق من المشاريع المهمة في مجتمعنا الحاضر، لا تنقص أهميتها عن كثير من المشاريع الحيوية الأخرى، وأصبحت دراسة الطرق وتصميمها الهندسي وإنشائها وصيانتها من المواضيع الهامة التي يحتاج إليها المهندس في حياته المهنية.

وتشمل أنظمة الطرق أنواعاً ودرجات متعددة من الطرق تختلف مسمياتها بحسب أهميتها وسعتها والأداء الذي تؤدية والغرض الذي أنشئت من أجله، وتتدرج مختلف أنواع الطرق من ذات السرعة العالية والحجم الكبير إلى الشوارع المحلية بالمناطق الخلوية التي تحمل حركة مرورية قليلة، وحسب نظام الطرق المتبع في كل أنحاء العالم، يمكن تلخيصها في ثلاث أقسام رئيسية وهي، الطرق الرئيسية

وهي تلك الطرق التي تربط بين مدن المملكة الكبرى، والطرق الثانوية، وهي تلك الطرق التي تربط بين المدن المتوسطة الأهمية ومن ثم تربطها مع شبكة الطرق الرئيسية، وهناك الطرق الفرعية وهي الطرق التي تربط بين القري والهجر والمزارع وغيرها من الطرق الأخرى، وبالإضافة إلى هذه الأنواع الثلاثة توجد تعريفات دقيقة لأنواع أخرى من الطرق مثل الطريق السريع والطريق الرئيس وطريق الخدمة والطرق الزراعية.

ولعل حكومة إقليم النيل الأزرق في الحاجة، والعاجلة جداً لإعادة النظر في مسألة الطرق هذه، قومية كانت أو داخلية، بحكم أن الوصول إلى كل مدن الإقليم بات أمراً غاية في الصعوبة بمكان، وذلك من خلال الخلل الكبير جداً والتدهور المريع في الطريق القومي الواصل إلى الدمازين، ناهيك عن التخلف المريع الذي تشهده كل الطرق الداخلية الرابطة لمحافظات الإقليم بعضه البعض، فضلاً عن ما تشهده الطرق الداخلية الرابطة الرصيرص بالدمازين، والتدهور الأشد ألماً ومرارة والمتمثل في الحالة البائسة لهذا الطريق المهم جداً، وليس أدل على ذلك من حالات الانجرافات المريعة على جانبي الطريق بدءاً من معبر الشيخ فرح ود تكتوك شرق خزان الرصيرص مباشرة مروراً بكبري حي قيسان، والذي شهد الكثير جداً من حوادث السيارات، بجانب الانجراف الأكثر خطورة بمحطات المستودع وبيومي ديوان الزكاة معاً، الأمر الذي ينذر بالخطر الداهم، ويهدد كل السيارات المارة بتلك المحطات.

دعك من الصعوبة القصوى والمعاناة اللامحدودة التي يعانيها مواطني كل المحافظات الأخرى في الوصول إلى ما سبق، فالأمر يحتم على حكومة الإقليم وكل محافظات الإقليم كلها، وخاصة محافظة التضامن التي تعتبر من أهم المحافظات ذات الثقل الاقتصادي والتنموي الكبير في السودان ككل، وذلك من منطلق وجود أكبر الشركات العاملة في االمشاريع الزراعية والتي تستدعي حالتها الخاصة تضافر الجهود الحكومية والأهلية ومجالس إدارات تلك المشاريع الكبرى التعاون الجاد لأجل إنفاذ مشروع الطريق الغربي والذي بلا شك سيعود بالنفع العميم للسودان ككل، بجانب أهمية بدء العمل في رصف طرق الكرمك وقيسان وإكمال طريق الرصيرص الشرقي حتى مينزا، وطريق الرصيرص أم بارد، الزندية.

وعلى حكومة الإقليم ووزارة التخطيط العمراني بالتحديد في النيل الأزرق التعاقد مع الشركات العاملة في مجال الطرق فوراً ودون إبطاء للاستفادة المباشرة من التطور المذهل الذي شهدة قطاع النقل والمواصلات من الأنجازات والعلامات البارز في التجربة التنموية، حيث كان التنقل في الماضي أمراً شاقا ويستغرق العديد من الأيام، وذلك نظراً لاتساع المساحة الجغرافية وتباعد الحواضر عن بعضها البعض وتنوع التضاريس ووعورة مسالكها، إضافة إلى قلة الطرق المعبدة وندرة وسائل النقل الحديثة، وقد أخذ هذا التحسن في التطور تدريجياً فشق العديد من الطرق في المناطق الجبلية ومدت الطرق ذات المسار الواحد بين المدن الرئيسية، ولبناء شبكة الطرق الرئيسية ووسائل النقل بداية بتنفيذ خطط التنمية وإكمال معظم مرافق الطرق حتى تصل إلى أوج اتساعها في النيل الأزرق.

مع أهمية التركيز على الطرق السريعة والتي تعتبر طرقاً شريانية مخصصة لخدمة المرور الطولي العابر بين المدن المتوسطة والمدن الكبرى، وكذلك الطرق الرئيسية ذات المرور الطولي العابر بين المناطق المختلفة وعبوراً إلى المدن، وكذلك الشوارع المحلية

التي تستعمل أساساً لخدمة المرور المحلي وربط مواقع السكن أو الأعمال والممتلكات المجاورة.

مع الحرص والتركيز على ضمان جودة حرم الطريق، وهو العرض المخصص للطريق بجميع أجزائه بالإضافة إلى عرض إضافي يخصص للتوسع في المستقبل ويجب أن يكون هذا الحرم بعرض كافٍ لاستيعاب جميع أجزاء قطاعات الطريق المختلفة، مع مراعاة الطبوغرافيا وطبيعة المنطقة، حيث يتوقف اختيار مسار الطريق على عوامل عديدة من أهمها طبوغرافية المنطقة التي سينشأ عليها الطريق حيث تؤثر طبيعة الأرض وتضاريسها على جميع العناصر الأساسية في التصميم، مثل الانحدارات والمنحنيات الأفقية والمنحنيات الرأسية ومسافات الرؤية، وحتى نحصل علي مسارات آمنة وبأقل التكاليف يجب توفير جميع البيانات المساحية الخاصة بموقع المشروع وكذلك نوع وطبيعة الأراضي المقترحة لمسار الطريق، حيث توفر هذه البيانات كماً هائلاً من المعلومات التي تتوقف عليها جميع أعمال التخطيط والتصميم لمشاريع الطرق، وتشمل الأعمال المساحية التي تتطلبها عمليات تخطيط الطرق، لتفادي السلبيات التي صاحبت إنشاء الطرق التي انهارت تماماً الآن بفعل عدم اتباع الأسس السليمة في إنشائها من قبل.

وقتها، أي متى ما أنجزت حكومة إقليم النيل الأزرق إنشاء هذه الطرق، وبكل المحافظات وبكل تلك الطرق الهندسية السليمة وتطبيقها التطبيق العملي الأمثل، وإيصالها لأقصى أقاصي حدود الإقليم المتاخمة لإثيوبيا ودولة جنوب السودان، نضمن لحكومة الإقليم النجاح الأمثل، والقدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في كل المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية المعروفة، وبالتالي النهوض باقتصاديات الإقليم إلى أقصى درجات النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وفي كل المجالات الأخرى، ناهيك عن التأييد الشعبي الأكبر الذي يمكن أن تحصده وتجنيه حكومة إقليم النيل الأزرق عقب إنفاذها لتلك المشاريع التنموية الفاعلة.