الإعلام الضعيف حرم الإنسان السوداني من الشهرة واللمعان عالمياً

نهى محمد الأمين أحمد
nuha25@yahoo.com
الإنسان السوداني يتميز بصفات تخصه وحده، ربما أتى ذلك في المقام الأول من تركيبته الجينية التي ضمت عدداً لا يستهان به من العرقيات، من بينها العربية والأفريقية، الهنود، ولا يخلو الأمر من الدماء الأوروبية، وحتى الدم الإسرائيلي موجود في التركيبة الجينية السودانية، ولعل تعدد مصادر الصفات الوراثية خلق إنساناً ذا تركيبة فريدة من نوعها من حيث الشكل والملامح، ومن حيث الصفات العقلية، وقد برع الكثير من السودانيين في شتى مجالات العلوم والآداب وخلافها، وأثبتوا تميزاً وتفرداً يشار له بالبنان.
بدأت هجرة السودانيين إلى مختلف البلدان منذ أمد بعيد، ولعل طلب العلم كان واحداً من الدوافع الرئيسة للهجرة، بالإضافة إلى الأسباب الاقتصادية والبحث عن وضع اقتصادي أفضل، وقد نجح الكثير من طلاب العلم السودانيين في مختلف الجامعات والمؤسسات العلمية بين أصقاع العالم، تلا ذلك نجاح منقطع النظير، في العمل والوظائف، فكم وكم من الأطباء المهرة، إلى المهندسين الأفذاذ، والعلماء في مختلف مجالات العلوم، يسير ذلك جنباً إلى جنب مع الآداب والفنون، فقد أبدع الكثير من أبناء السودان شعراً، نثراً ورواية، مثلما أبدعوا كرسامين، وموسيقيين وغيرها من مجالات الفن..
بعد هذه المقدمة الطويلة إلى حد ما، أُفرد المساحة لموضوع المقال، وهو لماذا لم يجد المتفوق السوداني سواء في العلم أو الأدب والفنون نصيبه من الشهرة الإعلامية، فحتى الذين اشتهروا، فقد خدمتهم الظروف ووضعت في طريقهم من آمن بتميزهم من خارج السودان، وعلى سبيل المثال لا الحصر، اشتهر الهادي آدم بعد أن غنت السيدة أم كلثوم قصيدته (أغداً ألقاك)، بالرغم من أن الهادي آدم شاعر فذ عبقري ولديه الكثير من القصائد التي لا تقل جودة على الإطلاق عن هذه القصيدة، وحتى الكاتب السوداني العالمي، العملاق الطيب صالح، والذي اعتبر نقطة تحول في أدب الرواية العربية وترجمت كتاباته إلى عشر لغات حية أو أكثر، فقد تم تسليط الضوء عليه من قبل الإعلام المصري وليس السوداني.
وهناك الكثيرون من عباقرة الطب والجراحة، التكنولوجيا والهندسة النووية، الرسم والنحت والتشكيل، المجهولون حتى في وطنهم السودان..
والذي يقرأ برؤية وتبصر سيعلم تماماً أن الإعلام الوطني هو من يشهر بنيه، يسوق للمتميزين ويروج لهم، فالمصريون هم من أطلقوا على أحمد شوقي لقب أمير الشعراء وعلى أم كلثوم كوكب الشرق، وليس هذا تقليلاً مني لقدر هؤلاء، ولكن فقط من أجل تسليط الضوء على الحقائق المجردة.
ومن وجهة نظري المتواضعة أن هذا مشكل عام يحيط بالمجتمع السوداني في كل جوانب الحياة، وهو إخفاقنا وعجزنا عن التسويق لما نملكه أو ما ننتجه، ابتداءً من الإنسان السوداني نفسه وهو المورد الطبيعي الأهم على الإطلاق مروراً بمنتجاتنا الزراعية والحيوانية، وصولاً إلى التسويق لبلدنا كبلد من الممكن أن يكون جاذباً للاستثمار الأجنبي والسياحة.
ولعل من أسباب هذه المشكلة، جزء يتعلق بالتركيبة النفسية للإنسان السوداني، ولعل من أهم الحلول التصالح مع سلوك تبجيل وتلميع الآخرين حتى وإن ظهروا بمظهر أفضل منا، فذلك لن ينتقص من قدرنا شيئاً، هذا من جانب، من جانب آخر، زيادة الوعي والإدراك بأهمية الإعلام والتسويق للمتلكات والمنتجات بغرض جذب الناس من العالم الخارجي، بالإضافة إلى تنمية الإحساس بالقومية والانتماء، وأن كل ما هو سوداني يجب أن يكون مصدر فخر لنا جميعاً.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب