التجاني حاج موسى … (أمي الله يسلمك) و(تباريح الهوى) كتب الأغنية كشكل إبداعي ذي خصوصية وتفرد..

بروفايل
تعرف في حي العباسية على كوكبة من رموز الحركة الثقافية..
اليوم التالي: محمد إسماعيل
اسم كبير بخارطة الغناء السوداني وله العديد من القصائد الغنائية التي يحفظها الشعب السوداني عن ظهر قلب.. إنه الشاعر التجاني حاج موسى..
كان ميلاده ونشأته بمدينة الدويم، عاش في كنف جدته لوالدته السيدة دار السلام عبدالله أبوزيد.. درس في خلوة جده من ناحية والدته الفكي الزبير، وحينما أكمل العام السادس من عمره حفظ جزءاً من القرآن الكريم. وذهب في هذه الفترة الى معهد بخت الرضا، كان التجاني حاج موسى طالباً مميزاً يترأس الجمعيات الأدبية التي كانت تقام مساء كل اثنين لمدة أربعة أعوام.
الانتقال الى العاصمة:
بعد المتوسطة انتقل إلى العاصمة طالباً للعلم في المراحل الثانوية والجامعية واستقر في منزل جده شقيق جدته لوالدته في حي العباسية بأمدرمان ومتغيرات طرأت على حياة التجاني في الفترة ما بين النقلة من الدويم إلى الخرطوم، وفي بداية طريقه إلى العاصمة انتابته مشاعر الغربة والوحشة ومفارقته لحاجة دار السلام كان لها أثر كبير على نفسه، فكانت فترة ميلاد لعدد من القصائد من بينها ( يا يمة الله يسلمك).
جامعة القاهرة محطة شكلته:
بعد تخرجه من كلية القانون بجامعة القاهرة فرع الخرطوم النيلين (حالياً) بدأت تتبلور شخيته الثقافية والأدبية عبر المنتديات التي كانت تقام في ذلك الزمان في منتصف سبعينيات القرن الـ19
حي العباسية:
كان بوتقة تحوي كل ضروب وألوان الفنون والثقافة من شعر وغناء وفنون تشكليلة، ورياضة وغيرها.. كان حي العباسية يشهد نشاطاً ثقافياً مكثفاً ومتصلاً، فتعرف في تلك الفترة على كوكبة من رموز الحركة الثقافية الذين أعانوه كثيراً في بداية تجربته الشعرية وكان على رأس هؤلاء الفنان التشكيلي إبراهيم الصلحي، والشاعر الكبير صلاح أحمد إبراهيم عليه رحمة الله، والشاعر مبارك المغربي الذي كان رئيساً لاتحاد شعراء الأغنية وسعادة اللواء الشاعر الرقيق عوض أحمد خليفة عليه الرحمة.
كما التقى شاعرنا التجاني حاج موسى ببعض الأساتذة الذين كانوا يحررون ملفات ثقافية بالصحف اليومية حيث نشروا له بعض القصائد الفصيحة، وبرز الشعر العامي أو ما يسمى بالشعر الغنائي في مسيرته في بدايات عام 1970م حيث ظهرت للناس أولى أغنياته التي تغنى بها الفنان زيدان إبراهيم (أغنية قصر الشوق).
وتعرف على عمر الشاعر الذي تعامل معه لحنياً في أول عمل قدمه للناس (باب الريدة وأنسدَّ) التي كتبها شاعرنا منذ المرحلة الثانوية، إلا أنها خرجت للناس في بداية دراسته الجامعية. وتعرف أيضاً في تلك الفترة علي ثنائي النغم والفنانة أم بلينا السنوسي وعدد من رموز الحركة الرياضية.

عمل بالتدريس:
أثناء دراسته الجامعية عمل بمدارس التقدم الثانوية المصرية العليا حيث كان يدرس النظام التوجيهي المصري وتعرف على الموسيقار الفاتح كسلاوي الذي كان يسكن حي العباسية ولحن له أغنية (ليه كل العذاب ليه كل الألم) التي تغنى بها زيدان إبراهيم.

الالتحاق بديوان الضرائب:
قبل تخرجه بعام من جامعة القاهرة فرع الخرطوم التحق موظفاً بديوان الضرائب فأدرج وأصبح وكيل وزارة (درجة قيادية) حتى أواخر العام 1989م. رغم الوظيفة، كان التجاني يكتب الشعر فكان ديوان الضرائب عبارة عن منتدى صغير بعد نهاية دوام العمل يلتقي فيه الشعراء من أبرز أعضائه اللواء عبدالله أبوقرون، الفنان عبد القادر سالم، الموسيقار الماحي سليمان، الفنان سف الجامعة.

الكتابة للأطفال:
أتاحت الفرصة لقدرات الشاعر التجاني حاج موسى أن يخوض تجربة الكتابة للأطفال، فكتب للأطفال (بدري صحيت من نومي) التي أحرز فيها السودان لميدالية الذهبية عام 1977م. ومن ضمن كتابات التجاني للأطفال (قول صباح الخير واطرد الهم والأسية) وأيضاً كتب (متشكرين ومقدرين يا مدرستنا ويا مدرسين)
في العام 1989م صدر قرار من رئيس الجمهورية بتعيينه مديراً للإبداع بالهيئة القومية للثقافة والفنون، ثم مديراً للبرامج بالتلفزيون، وبعدها أميناً للمجلس الاتحادي للمصنفات الأدبية والفنية.

دوواينه الشعرية:
أصدر أربعة دوواين شعرية، ديوان واحد طبع ثلاث مرات بعنوان (تباريح الهوى) يحوي مجموعة من الأعمال الغنائية.

شعراء توقف عندهم:
شعراء على المستوى العالمي والداخلي توقف الشاعر التجاني حاج موسى على شعر الشاعر العظيم أحمد أبو الطيب المتنبئ، فقد حفظ له منذ نعومة أظافره العديد من الأشعار التي كان لها دور بارز في أن يتعرف على جماليات الشعر الكلاسيكي أو العمودي، وتأثر بأمير الشعراء أحمد شوقي وحافظ إبراهيم والبارودي وإيليا أبو ماضي وأبو القاسم الشابي والشاعر التجاني يوسف بشير وعدد من شعراء الأرض المحتلة سميح القاسمي ود. شاكر السياب، والشاعر العظيم نزار قباني. أما على الصعيد الداخلي فكان معجباً أيما إعجاب بالشاعر الكبير الراحل المقيم صالح عبد السيد أبو صلاح الذي كان يكتب العامية بصورة جزلة ومضامين إبداعية وأيضاً كان معجباً بالشاعر العظيم الراحل محمد بشير عتيق الذي عاصره وقرأ معه الشعر إلى أن توفاه الله في عام 1995م، وأيضاً عاصر الشاعر العبادي وصديق المدني ومحمد يوسف موسى، والشاعر العظيم إسحق الحلنقي وهو أمير شعراء الأغنية ما بعد الحقيبة والشاعر الصادق الياس وإبراهيم الرشيد.. كل هؤلاء الشعراء شكلوا إضافات حقيقية لتجارب التجاني حاج موسى الشعرية، هذا إلى جانب عدد من أبناء جيله من الشعراء أمثال الشاعر عبد الوهاب هلاوي وحسن الزبير وبشير سليمان، وهؤلاء كانوا أقران دراسة وأصدقاء للتجاني حاج موسى في فترة الجامعة.

القصائد وليدة معاناة خاصة:
وكتب الأغنية كشكل إبداعي ذو خصوصية وتفرد وحقق في كل ذلك حضوراً مشهوداً له، على الساحة الأدبية والفنية السودانية. لقد استطاع بشفافيته، وعذوبة لغته، وتمثله لتجارب الناس الإنسانية أن يوجد له موقعاً أثيراً لدى أبناء وطنه حين عبر عن أشواقهم وأفراحهم وأحزانهم.. عن بداياته الشعرية قال: في بدايتي الشعرية كانت القصائد وليدة معاناة خاصة بي، وبعد أن تمرست في كتابة الشعر صارت القصيدة تأتي أحياناً تفاعلاً مع أحداث الآخرين، وهذه مرحلة أعتقد أن كل شاعر لا بد أن يمر بها وتفتح الموهبة تطغى عليها التجارب الشخصية للشاعر..
وعن المرأة في حياته قال: هي تشكل كماً هائلاً وكيفاً هائلاً، فأنا ولدت يتيم الأب، فقد رحل والدي الى دار الباقية وأنا ابن الثانية من العمر وقامت والدتي (دار السلام مقام الأب والأم، ومن هنا جاء إعزازي وتقديري لكل نساء الأرض.
وعن علاقته بالرياضة يقول: كنت حتى المرحلة الجامعية حارس مرمى لفريق بالدرجة الأولى، وهو فريق النيل بالدويم، وحارس مرمى بفريق الجامعة، وبعدها أخذتني حرفة الأدب والشعر والإعلام والصحافة.

كان التيجاني عرف كيف يبني قصيدته المغناة، بهندستها وتراكيبها، وخصوصيتها في التأليف والكتابة فإنه أيضاً استطاع بما توفر له من وقت أن يكتب القصيدة العامية التي تنأى بنفسها عن احتمالات الغناء لتداخل أبياتها وتدفق كلماتها وأيضاً لخصوصيات في التجربة بحد ذاتها،وكذلك فقد كتب التيجاني قصائد فصيحة كثيرة تحمل في ثناياها جوانب من تجربته الشعرية والحياتية وقدمها للجمهور الذي اكتشف أنها لا تقل جمالاً، وقوة وشفافية عن أشعاره الأخرى..