مع اقتراب الحل.. ما هي مطلوبات إدارة الفترة الانتقالية؟

رئيس منبر المحامين: مطلوبات الانتقالية توافق شامل للقوى السياسية
عبدالقادر محمود: مطلوبات الانتقال إرادة حقيقية للمؤسسة العسكرية وانسجامها
د. محمد أحمد: مطلوبات الانتقال حل قضية السلام وعمل دستور انتقالي
الطيب إسماعيل: مطلوبات الانتقال السياسية تهيئة الوضع العام للانتخابات

الخرطوم: محجوب عيسى
بالتزامن مع اقتراب انفراج الأزمة السياسية في البلاد، نظم منبر (محامون من أجل العدالة) منتدى حول صناعة الدستـور ومطلوبات الفترة الانتقالية، واستعرض المنتدى تاريخ الدساتير السودانية، وأكد أن السودان يعاني من أزمة دساتير فضلاً عن أنه أصيب بلعنة الفترات الانتقالية، وبين المتحدثون أن صناعة الدستور يجب أن يحصل على موافقة الأغلبية ويعبر عن إرادة الأمة عبر ممثلين منتخبين وأن لا يتم بواسطة قلة، وأشاروا إلى أن أبرز مطلوبات الفترة الانتقالية، توافق شامل للقوى السياسية، والترتيب لانتخابات وحل قضية السلام وعمل دستور انتقالي، فيما يرى محللون أن أهم مطلوبات الانتقال إرادة حقيقية للمؤسسة العسكرية وانسجامها مع رؤية وأهداف الثورة، بجانب توافق قوى الثورة حول الحد الأدنى لإدارة الفترة الانتقالية بما يتماشى مع رغبة الثوار وإرادة الشعب السوداني، حتى تكون إدارة الدولة أكثر تماسكاً واستقراراً في مناخ يسوده التعاون والتنسيق المشترك وصولاً إلى الأهداف الكبرى للثورة السودانية.

تنفيذ متطلبات
وأكد رئيس منبر محامون من أجل العدالة هجو محمد أحمد في تصريح لـ(اليوم التالي) أن الورشة عقدت لأهمية الدستور الذي ينظم حياة الناس وشؤونهم السياسية، وما دار حوله من مبادرات من أجل وصول الرسالة إلى الشعب السوداني ليعرف كيفية صناعة الدساتير، وقال إن الورشة تناولت دساتير السودان منذ العام 1956 وحتى دستور العام 2005 بجانب النقاش حول المبادرات ومواءمتها القانونية من الجهات التي قدمتها والصفة التي جعلتها تطرح الدساتير، كذلك تناولت تحديات الفترة الانتقالية ويشير محمد إلى أن وضع الدستور وتوقيع الاتفاقيات الدولية ليست من مهام الفترة الانتقالية بقدر ما هي فترة تسير مهام وتكمن أهميتها في تنفيذ متطلبات أهمها تحديد المدة الزمنية للفترة الانتقالية وأن تتماشى مع القانون، وأضاف: الفترة الاتنتقالية الحالية أطول فترة انتقالية في تاريخ السودان الأمر الذي أدى إلى الخلافات غير المعلومة لعدم تحديد مدتها ومهامها، فضلاً عن تناولها قضايا ليست من اختصاصها، وشدد على ضرورة تحديد الفترة الزمنية للفترة الانتقالية وقانونها ومهامها من أجل الوصول إلى انتخابات نزيهة تأتي بحكومة منتخبة يكون لها حق التشريع وتوقيع الاتفاقيات وتناول قضايا كبرى، وبحسب هجو أن مطلوبات الفترة الانتقالية توافق شامل بين كافة القوى السياسية، والترتيب لانتخابات حرة ونزيهة والتواصل مع جهات دولية ومراكز مختصة لتهيئة الشعب السوداني لذلك، وأضاف: مشكلة السودان أنه لا توجد به حكومة مفوضة تتخذ قرارات مهمة ومصيرية وقانونية لها الصفة الشرعية.

صناعة دستور
واستعرض أستاذ القانون الدستوري بالجامعات والمعاهد العليا الدكتور محمد أحمد سالم، ورقة حول صناعة الدستور ومطلوبات الفترة الانتقالية، وقال إن صناعة الدستور يجب أن تحصل على موافقة الأغلبية ويعبر عن إرادة الأمة عبر ممثلين منتخبين وأن لا يتم بواسطة قلة.
وأشار إلى اضطراب تاريخ للدساتير في السودان ووضع (7) دساتير وأصيب بلعنة الفترات الانتقالية، وبين أبرزها دستور الحكم الذاتي 1956 وهو الدستور الإنجليزي متأثر بالنظام البريطاني، تم تعطيله، وأن أول تجربة لمجلس سيادة تكون من (5) أعضاء (2) من حزب الأمة ومثلهم من الحزب الاتحادي وعضو من الجنوب، وأضاف: اليوم وصل عدد الأعضاء (15) عضواً، وتابع: دستور ٥٦ تعديل ٦٤ استمر حتى 1969، وأكد أنه دستور إسلامي تمت صياغته بواسطة لجنة قومية من النخب، فضلاً عن دستور 1973 الذي صنع بصورة مثالية من خلال انتخاب جمعية لصناعة الدستور وتقسيمها إلى عشر لجان كل لجنة تنظر في المواضيع، بجانب دستور 1985، ودستور 1998، الذي تمت إجازته بواسطة برلمان منتخب واستفتاء شعبي، وبحسب سالم أن دستور ٢٠٠٥ مصدر التشريع فيه دستور 1998 واتفاقية نيفاشا، ولفت إلى أنه وجد تراضياً وإجماعاً من قبل المجلس الوطني، ونال رضا الشعب السوداني، وقال: لا يوجد دستور تم تعطيله عاد إلى العمل وذلك لأن التعطيل يعني إلغاء.

التحديات الانتقال
وبحسب د. سالم أن أبرز التحديات التي تواجه الانتقال، ضرورة تحديد الفترة الزمنية للفترة الانتقالية وأن تكون قصيرة سيما وأن إطالتها تأتي بغير المفوضين لتقرير مصير الشعب، عمل قانون الإحصاء والانتخابات، ويرى أن الأحزاب لا ترغب في الانتخابات، وترى أنها غير مناسبة لأنها غير مهيأة لها، بالإضافة إلى حل قضية السلام وعمل دستور انتقالي، ودعا إلى إجراء انتخابات عبر لجنة دولية على غرار انتخابات 1953 التي كانت برئاسة خبير الانتخابات الهندي (سيكو مارسي)، وطالب الأحزاب بالاستعداد وتأهيل كوادرها منذ الآن، ونوه إلى أن يتم التعامل مع حزب المؤتمر الوطني عبر مفوضية الأحزاب من خلال المحاسبة ومعرفة مصادر التمويل، وأردف: أي حزب أخذ مالاً عاماً لا يحق له الترشيح وأن يتم إرجاع المال العام عبر الطرق القانونية، علاوة على أن يتم تشكيل مجلس انتقالي رمزي في حال دعت الضرورة، لجهة أنه مكلف ومرهق للدولة مادياً، كما أنه لتمثيل كتل سياسية وليس دوائر جغرافية، ولمنح الثقة لرئيس الوزراء والحكومة، وقال إن عمل مجلس تشريعي من أجل إطالة الفترة الانتقالية ولا يوجد داعي لمجلس تشريعي انتقالي وأن يكون التشريع عبر مجلسي السيادي والوزراء.
وانتقد د. محمد مشروع دستور المحاميين، وقال: لا توجد به مادة للتعديل، وطالب بتفسير قوى الثورة التي تتولى السلطات، وشدد على ضرورة قبول البعض وجمع المبادرات وتحديد من الذي يتولى رئاسة مجلس السيادة القادم، وأشار إلى أن الخلافات بين القوى السياسية خلافات سياسية وليست قانونية حول من يحكم وليس كيف يحكم.

إرادة حقيقية
ومن جهته يرى المحلل السياسي عبد القادر محمود في حديثه لـ(اليوم التالي) أن أي فترة انتقالية تعقب ثورة شعبية ينبغي أن تستصحب معها قضايا وأهداف الثورة في عملية إدارة الدولة وصياغة مؤسساتها الوطنية وفق رؤية الثورة، لجهة أن الوضع في السودان يختلف تماماً بحيث أن الفترة الانتقالية الأولى لم تكن بمستوى طموح الثورة في الحرية والسلام والعدالة، فعجزت تماماً حكومة ما بعد الثورة في إدارة الفترة الانتقالية رغم الإجماع الثوري الذي كانت تتمتع به وتوفر كل المطلوبات أهمها وثيقة دستورية حظيت بقبول واسع وعريض، رغماً عن ذلك فشلت تلك الحكومة بسبب عدم التوافق مع المكون العسكري.
واعتقد محمود أن المكون العسكري لا يرغب في تغيير حقيقي وفق أهداف الثورة المعلنة في إقامة دولة مدنية حديثة تهدم كل ما هو قائم وتبني أسساً جديدة للدولة السودانية الحديثة، وعزا ذلك إلى اعتبارات عديدة محلية وإقليمية ودولية، بالإضافة إلى تداخل هذه المستويات مع بعضها في التأثير المباشر على دائرة صنع القرار في المؤسسة العسكرية، ولكنها تتفق كلها حول فكرة أن أي تغيير حقيقي نحو دولة مدنية وديمقراطية سيشكل تهديداً مباشراً لمصالح المستويات.
ويرى أن أولى مطلوبات إدارة الانتقال في السودان وأهمها وجود الإرادة الحقيقية للمؤسسة العسكرية وانسجامها مع رؤية وأهداف الثورة السودانية، وأضاف: غير ذلك سيستمر الوضع على أسوأ من ما عليه الآن، بجانب توافق قوى الثورة حول الحد الأدنى لإدارة الفترة الانتقالية بما يتماشى مع رغبة الثوار وإرادة الشعب السوداني في إقامة دولة مدنية حديثة تلبي له جميع مقومات الحياة الضرورية والرفاه الاقتصادي والاجتماعي.
وقطع أنه في حال توفر المطلوبات مع وجود إرادة حقيقية من المؤسسة العسكرية فإن الفترة الانتقالية لإدارة الدولة ستكون أكثر تماسكاً واستقراراً في مناخ يسوده التعاون والتنسيق المشترك وصولاً إلى الأهداف الكبرى للثورة السودانية.
وفي السياق ذاته يقول المحامي الطيب إسماعيل في إفادة لـ(اليوم التالي) إن الفترة الانتقالية لها مطلوبات سياسية وقانونية واجتماعية، وفسر أن المطلوبات السياسية وفق الفقه الدستوري أن للفترة الانتقالية مهام محددة أهمها تهيئة الوضع العام للانتخابات، ووضع تدابير اقتصادية لخروج البلاد من الأسوأ إلى الأفضل، ويرى أن وضع الدستور ليس من اختصاص الانتقال وأن أي إجراء يتم يعتبر غير قانوني وباطل.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب