التوسع الضريبي.. إنقاذ للموازنة وضغط على المستهلك

تقرير: محجوب عيسى
قررت وزارة المالية الاعتماد على الإيرادات الضريبية كمصدر أساسي لتمويل الموازنة العامة من خلال توسيع المظلة الضريبية، في ظل تراجع أرباح الشركات والتهرب الضريبي وهروب رؤوس الأموال، إلى الخارج، ويتساءل الكثيرون عن أثر توسيع المظلة على الاقتصاد وعن توفير البدائل، وفي غضون ذلك، أكد متحدثون لـ(اليوم التالي) أن توسيع المظلة الضريبية حل لمشكلة الاقتصاد ويساعد على زيادة معدل إيرادات الدولة وتحقق العدالة والمساواة الضريبية علاوة على محاربة التهرب الضريبي واقتصاد الظل الخفي وتوسيع فرص بناء المؤسسات، وقطعوا بعدم وجود بدائل غير توسيع المظلة كمصدر أساسي لتمويل الموازنة العامة للدولة، وذلك للركود الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد وتراجع أرباح الشركات وخروج عدد من المستثمرين الأجانب والسودانيين إلى دول الجوار بحثاً عن وضع اقتصادي أفضل.

حل المشكل الاقتصادية
أكد الخبير الاقتصادي في شؤون الضرائب د. عادل عبدالمنعم أهمية توسيع المظلة الضريبية وقال إنها الحل لمشكلة الاقتصاد السوداني سيما وأنه بعيد عن العالم في الإيرادات الضريبية، ويكاد لا يكون به ضرائب، وبحسب عادل في حديثه لـ(اليوم التالي) أن المؤتمر العالمي للأمم المتحدة الذي عقد في فبراير حدد للدول النامية نسبة 25% من الناتج المحلي الإجمالي من إيرادات الضرائب لتحقيق نمو واستقرار اقتصادي بحلول العام 2030، وأوضح أن الإيرادات الضريبية في البلاد لم تتجاوز 5% في العام 2021، 94% منها رسوم جمركية وضرائب غير مباشرة فيما بلغت ضريبة الدخل 6% وفق تقارير البنك الدولي في العام الماضي فيما وصل حجم إيرادات ضريبة أرباح الأعمال من 69 ألف شركة مسجلة 26 مليار جنيه وأقل من نصف الشركات يدفعون الضرائب، وتابع أنها مساهمة لا تغطي مصروفات الموازة لثلاثة أيام، وأكد غياب إحصاءات لفاقد الإيرادات الضريبية منذ العام 2002، وكشف عن مقاومة اتحاد العمل والغرفة التجارية لقطاع الضرائب وأنهم يعملون على إضعافها من أجل مصلحتهم الأمر الذي يقودهم للهجوم على وزراء المالية والرسوم التي يتم فرضها، وأشار إلى أثر ضعف الإيرادات الضريبية على انهيار البنية الأساسية للدولة وغياب الإنفاق على القطاعات المهمة كالصحة والتعليم والإنتاج مما أدى إلى ضعف نمو الدخل القومي للفرد، ووفقاً لعادل أن السياسات السابقة وامتيازات الإنقاذ عادت مرة أخرى بعد إجراءات 25 أكتوبر الماضي وقال إنها تعيد قطاع الضرائب إلى المربع الأول وتعيق الإصلاح الاقتصادي، ونوه إلى أن وضع السياسات الضريبة يقوم بها اختصاصيون وليس أصحاب المصلحة لأنهم يضعونها لمصلحتهم وذكر أن الجهات التي تلقت إعفاءات ضريبية غادرت للاستثمار في الخارج، وتابع: الوضع يحتاج إلى معجزة أو دخول بترول وذهب بكميات كبيرة في ظل مقاومة ودعم شحيح وعدم الاستقرار السياسي.
إفقار الشعب
واعتبر المحلل الاقتصادي كمال كرار توسيع المظلة الضريبية مزيد من فرض الضرائب على المواطنين لجهة أنها ضرائب غير مباشرة تفرض على السلع والخدمات، وبحسب كرار في حديثه لـ(اليوم التالي) أن الموازنة العالمة ليس لها مصدر إيرادات غير الضرائب والجمارك الأمر الذي ساهم في زيادة معدلات التضخم وارتفاع تكاليف الإنتاج ووصول الشعب إلى مرحلة الإفقار، وقال إن توسيع المظلة الضريبية لصالح الأمن والدفاع في حال عدم وجود مصادر حقيقية من فائض المؤسسات الحكومية وأرباحها بجانب إدارة مثالية للموارد الطبيعية بكافة أنواعها، وأكد المحلل الاقتصادي فشل توسيع المظلة الضريبية وذلك لأنه نفس طريق الحكومة السابقة فضلاً عن أن الفئات التي يتم فرض الضرائب عليها تقوم بالتهرب الضريبي وأضاف أنه يؤكد عجز الحكومة عن إدارة الموازنة العامة بشكل جيد.

عدالة ضريبية
فيما أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين مزمل الضي أن توسيع الضرائب يساعد على زيادة معدل إيرادات الدولة وتحقيق العدالة والمساواة الضريبية علاوة على محاربة التهرب الضريبي اقتصاد الظل الخفي بالإضافة إلى توسيع فرص بناء المؤسسات والنهوض بالوطن، وطالب الضي في إفادة لـ(اليوم التالي) بأن يكون التوسع عبر الضريبة الإلكترونية على غرار أورنيك 15 لمعرفة رأس المال وتحديد حجم الضريبة، وذكر أستاذ الاقتصاد أن الدول تعتمد على الإيرادات الضريبية لتغطية النفقات الحكومية التي تتمثل في التعليم والبنى التحتية والصحة والطوارئ وكافة الخدمات خدمات الموطن بينما تسهم الضرائب في الدول النامية بنسبة 30 إلى 40% من إيرادات الدولة، وأبان أن توسعة المظلة الضريبية تعني فرض الضرائب على معظم الأنشطة سواء كانت شركات عامة أو خاصة وصغار المنتجين والشركات المتوسطة.

لا بديل للضرائب
ولم يذهب الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان بعيداً في حديثه لـ(اليوم التالي) إذ يرى أنه لا يوجد بديل أمام الحكومة غير زيادة الضرائب لأنها لا تمتلك موارد أخرى في ظل رفع الدعم السلعي من الوقود والخبز وتخفيف دعم الكهرباء وغاز الطهي فإنه من السهل اعتماد الحكومة على الإيرادات الضريبية كمصدر أساسي لتمويل الموازنة العامة للدولة، وأرجع عثمان ذلك للركود الاقتصادي الذي يعاني منه السودان والذي أدى إلى تراجع كبير في أرباح الشركات السودانية وخسائر كبيرة للشركات فضلاً عن خروج عدد مقدر من المستثمرين الأجانب والسودانيين من البلاد إلى دول الجوار بحثاً عن وضع اقتصادي أفضل، مشيراً إلى اعتماد الدول في العالم المتقدم بشكل أساسي على الإيرادات الضريبية كمصدر شبه وحيد للموازنة العامة.

توسعة المظلة الضريبية
وفي وقت سابق كشف وزير المالية جبريل إبراهيم عن خطة لتوسعة المظلة الضريبية، لدعم الخزينة العامة بالبلاد، وقال إن الموازنة الحالية تقوم على الموارد الذاتية، ولكنه رغم حديثه عن الضرائب والجمارك، عاد وأقر بضعف الرواتب، واصفاً مرتب الوزير بأنه مضحك، مضيفاً أن مرتب المواطن يكفيه لثلاثة أيام، وأضاف: نجتهد لجعلها 12 يوماً خلال المرحلة الحالية.
وطبقاً لتقارير إعلامية تشير بيانات حكومية إلى أن عدد المسجلين لدى وزارة المالية كدافعي ضرائب لا يتجاوز 200 ألف شخص، وهو رقم تعتبره مؤسسات المال والمعنيون ضعيف جداً مقارنة بعدد السكان البالغ عددهم أكثر من 40 مليون، وفي وقت سابق طبقت وزارة المالية، زيادة في ضريبة أرباح الأعمال وصلت إلى 30 في المائة للتجار والشركات بزيادة نسبتها 100 في المائة، وارتفعت الضريبة على القطاع الصناعي إلى 15 في المائة بنسبة زيادة 50 في المائة، وقد حددت موازنة العام 2022 الإيرادات الضريبية بحوالي 1,943 مليار جنيه بنسبة زيادة 145 في المائة عن موازنة العام الماضي، وتمثل الإيرادات الضريبية حوالي 58 في المائة من إجمالي الإيرادات.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب