الأزمة السودانية الإثيوبية: اللقاءات الثنائية.. هل تعيد المياه لمجاريها..؟

الأزمة السودانية الإثيوبية: اللقاءات الثنائية.. هل تعيد المياه لمجاريها..؟

محمد الناير: يمكن حل القضايا بالدبلوماسية واللقاءات المشتركة

عبدالرحمن أحمد: هنالك تواصل وتفاهم لحل القضايا

يوسف علي: التعاون الاقتصادي يجعل العلاقات أقوى

زهير هاشم: سد النهضة والفشقة عقبة أمام البلدين

تقرير: الخواض عبدالفضيل

أعاد الجيش السوداني مُنذ نوفمبر 2020، انتشاره في الحدود المحاذية لإثيوبيا، شرقي البلاد، واسترد مساحات زراعية خصبة كان يحتلها إثيوبيون طوال 26 عاماً بدعم وحماية من مليشيات وجيش بلادهم، اتفق السودان وإثيوبيا على تسريع عمل إنهاء أزمة الحدود، وتفعيل التبادل التجاري عبر اللقاء الذي تم بين البرهان وأبي أحمد على هامش قمة الدول الأقل نمواً الذي عقد بالدوحة برعاية الأمم المتحدة، لكن رغم تصاعد النبرة العدوانية في السنوات الأخيرة بين جيشي البلدين الأكثر اكتظاظاً في منطقة القرن الأفريقي، يعتقد المحللون أنه لا يمكن لأي منهما تحمل كلفة حرب مفتوحة. لذلك تعتبر العلاقات بين السودان وإثيوبيا غير دائمة الاستقرار وهي دائماً ما تكون متأرجحة تارة مستقرة وتارة أخرى عدوانية خاصة وأن عدم حسم قضية الحدود ووضع العلامات تصبح هي القنبلة الموقوتة في علاقات البلدين لذلك يرى محللون أنه حتى تكون العلاقة جيدة بين الخرطوم وأديس أبابا لا بد من ربطها باتفاقيات اقتصادية تحقق مصالح الدولتين.

إعادة انتشار

وتسببت عملية إعادة الانتشار الذي استعيدت بموجبها 95% من الأراضي السودانية في توتر العلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا، وتصل ذروة التوتر عادة مع بداية فصل الخريف، حيث تحاول مليشيات مدعومة من إثيوبيا عرقلة فلاحة الأراضي الزراعية المستردة.

وعقد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الأحد، لقاءً مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، في العاصمة القطرية الدوحة على هامش مشاركتهما في مؤتمر الأمم المتحدة الخامس للدول الأقل نمواً، وقال مجلس السيادة، في بيان له إن البرهان وآبي أحمد “اتفقا على أهمية مواصلة العمل وتسريع وتيرته فيما يلي قضايا الحدود والتعاون الاقتصادي وتفعيل التبادل التجاري”.

وأشار إلى أن الطرفين بحثا القضايا العالقة بين البلدين وأهمية التوصل لاتفاق بشأنها، إضافة إلى مسيرة العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وتوترت علاقات البلدين منذ نوفمبر 2020، وبلغت قمة التوتر في يونيو 2022 عندما تحدث السودان عن إعدام إثيوبيا لـ(7) جنود ومواطن سودانيين كانوا أسرى لديها.

وبدأ منسوب التوتر في الانخفاض عند عقد البرهان وآبي أحمد، اجتماع في العاصمة الكينية نيروبي في 5 يوليو 2022، ليُشكل هذا اللقاء مدخلاً لتحسين العلاقات، لكن هذا التحسن انحصر في التعاون المخابراتي والاستخباراتي فقط.

تهدئة

ويرى المحلل الإثيوبي المختص في العلوم السياسية الدكتور عبد الرحمن أحمد محمد، لقاء رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مع، رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في مؤتمر الدول الأقل نمواً الذي أقيم في الدوحة بتنظيم من الأمم المتحدة أن اللقاء جاء بعد زيارة أبي أحمد إلى الخرطوم الذي قابل من خلاله القوى السياسية السودانية وقال عبدالرحمن لـ(اليوم التالي) إن التوتر السابق الذي حدث بين السودان وإثيوبيا وهدأ بعد مشاركة البرهان في قمة تانا للأمن ومنذ ذلك الوقت لم يحدث ما يعكر صفو العلاقة بين الدولتين، والآن هنالك تواصل وتفاهم من الجانبين لحل كل القضايا عبر المفاوضات ويعتقد أن التوترات التي حدثت سابقاً في إثيوبيا كان لها دور كبير في توتر العلاقة بين البلدين، وبعد اتفاقية السلام كل التوترات ينتهي عبر المفاوضات.

وبحسب عبد الرحمن أنه لا يمكن حل القضايا العالقة بين الدولتين عبر السلاح، مشدداً على ضرورة الجلوس والتفاوض لا سيما وأن الاتفاقيات تقود إلى تهدئة الأوضاع والسماح بالتبادل التجاري والاقتصادي الذي سيعزز الاستقرار بين البلدين خاصة وأن هما يرتبطان بكثير من التبادل التجاري عبر الحدود وتنقل المواطنين عبر هذه الحدود وتابع: لا شك أن التوتر يضر المصلحة.

كما يرى الدكتور عبدالرحمن لقاء القائدين في الدوحة سيترتب على ذلك مستقبل طيب للشعبين الشقيقين، ويتم ربط ذلك باتفاقيات اقتصادية حدودية تنهي الأزمات وتؤدي إلى منفعة بين البلدين.

 

حل بالتفاوض

ومن جهته طالب المحلل السياسي الدكتور محمد الناير خلال إفادة لـ(اليوم التالي) بضرورة حل الخلافات التي تنشأ بين دول الجوار بالطرق السلمية أهمها التفاوض على أن لا يكون هناك تعنت من أي جهة ضد الأخرى وأوضح أن قضية الحدود واضحة خاصة أن حدود السودان مع إثيوبيا معلومة ومعترف بها دولياً وتعترف بها إثيوبيا نفسها وزاد: استرداد الأراضي السودانية هو الذي أدى إلى توتر العلاقات بين الخرطوم وأديس وقال الناير: لا يصح إلا الصحيح، لكن في النهاية كل هذه القضايا يمكن أن تحل عبر الدبلوماسية وعبر اللقاءات المشتركة وعبر ترسيم الحدود بصورة واضحة وفق للمعايير الدولية بالتالي لا تكون هناك خلافية وحتى قضية سد النهضة يمكن التفاوض حولها بجلوس الدول الثلاث المعنية السودان إثيوبيا ومصر والتوصل إلى حلول مرضية للأطراف الثلاثة وهذا يمكن أن يجعل الدول تتفادى التعقيدات وسوء العلاقات فيما بينها.

ومضى في حديثه قائلاً: لابد أن تكون هناك علاقات جيدة بين دول الجوار من أجل مصلحتها مضيفاً أن أي دولة لا تريد تعقيدات وإشكاليات في حدودها مع دول الجوار لذلك التفاوض والحوار وإعلاء المصالح الاقتصادية والتجارية بين الدول بعضها البعض خاصة بين الدول المجاورة.

خروقات أمنية

وقال الباحث والمحلل السياسي يوسف علي آدم يوسف لـ(اليوم التالي): العلاقات الإثيوبية السودانية أزلية وقديمة عطفاً إلى ذلك تربطهما أواصر شعبية بين المواطنين دون النظر إلى الأنظمة الحاكمة.

واستشهد بلجوء الإثيوبيين إلى السودان في حال الأزمات والعكس بعض المواطنين في مناطق النيل الأزرق لاجيئن في أقاليم إثيوبية مجاورة. وزاد: لكن دائماً العلاقات لا تكون دائمة الاستقرار نسبة لتغيير الأنظمة في البلدين فضلاً عن وجود بعض الخروقات الأمنية التي تعكر صفو هذه العلاقة وتقود إلى القطيعة بين الجارتين، وأردف: هناك قضيتان مهمتان تمثل قضية الأمن القومي لكلتا الدولتين أبرزها سد النهضة وقضية الحدود بين الجانبين بعد أن استعاد الجيش السوداني انتشاره في أراضي الفشقة، وتظل هاتان القضيتان أس الأزمة السودانية الإثيوبية، واعتقد يوسف أن لقاء عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني وأبي أحمد لقاءهم سيكون أهم أجندته الحوار في هاتين القضيتين من أجل استقرار أمن الدولتين واستمرار التعاون المشترك بين الدولتين عبر الطرق البرية التي تغلق عند أي توتر بين الجانبين لذلك حل هذه القضايا لا يكون إلا عبر التفاوض والحوار، خاصة وأن قضية الحدود معروفة ومحسومة بأن أراضي الفشقة سودانية ومعترف بها دولياً باعتراف الرئيس السابق هايلي مريم ديسالين، واعترافه كان من داخل البرلمان الإثيوبي ولم يتبقَّ إلا وضع العلامات الحدودية التي تماطل الجانب الإثيوبي منذ عهد نظام الإنقاذ في السودان بجانب نقص في الأموال لبدء العمل الفوري ومضى: إلا أنه يمكن إنهاء الصراع بعقد معاهدات اقتصادية على الحدود بين الجانبين علاقات قائمة على قوانين الاستثمار الدولي بعد الانتهاء من قضية وضع العلامات وتابع: التعاون الاقتصادي يجعل العلاقة أقوى وأمتن لأن كل طرف ستكون له مخاوف اقتصادية على نفسه، وأشار يوسف الى أن تقوم على الاقتصاد، لأن أصل العلاقة بين إثيوبيا والسودان علاقة حرب لهذا دائماً ما نشهد تأرجحاً وتأزماً في علاقات البلدين.

اطمئنان مصالح

ومن جانبه يشير الباحث والمحلل السياسي زهير هاشم في حديثه لـ(اليوم التالي) إلى قضيتين في ملف العلاقات السودانية الإثيوبية يشكلان عقبة أمام تطوير العلاقات القضية، الأولى الفشقة ويوضح أنها قضية الصراع حول الحدود بسبب وجود مليشيات من الأمهرا التي استولت على الأراضي والجيش حرر معظم الأراضي، والملف الثاني سد النهضة، فدائماً إثيوبيا تحاول أن تكسب السودان لصفها وتوقع زهير أن لقاء البرهان وأبي أحمد واحد من أجندته ملف سد النهضة وهذا الحديث منذ وساطة أبي أحمد بين الفرقاء السودانيين التقارب بينهما، وزاد: كان الهدف من تلك المبادرة كسب السودان من إثيوبيا فيما يلي سد النهضة وأردف أن ورشة القاهرة التي ذهبت لها بعض القوى السياسية كانت محسوبة على المكون العسكري خاصة وأن مصر في أزمة الانتقال حليف للمكون العسكري لأسباب كثيرة لذلك إثيوبيا تريد قطع الطريق أمام أي تقارب مصري سوداني قد يؤدي إلى وقف السودان مع مصر في ملف سد النهضة واعتقد زهير أن ملف سد النهضة وقضية الحدود ربما أخذا نصيبهما من النقاش خلال لقاء الدوحة بين الرئيسين خصوصاً وأن السودان مقبل على تشكيل حكومة بناءً على الاتفاق الإطاري، ومن المؤكد أن إثيوبيا تريد الاطمئنان على أن الحكومة الجديدة من إيجابية موقفها من الملفات الإثيوبية أو من مصالحهم.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب