أما حكاية
* وأم شقوق في تخوم ريفنا السوداني هي عبارة عن مرض يصيب الأطفال ويستعصي معه العلاج بالعقاقير الطبية فتفتقت عقلية شعبنا إلى علاجه عن طريق “التش” بالزيت الساخن باستخدام مساويك شجر “العرد” على موضع الألم.
* لا أعرف الاسم العلمى لهذا المرض ولكنه في زمن سابق كان منتشراً في غرب السودان وقيل إن مسبباته هي الرطوبة الشديدة قبل أن يظهر (البامبرز) ويختفي بعدها المرض، أعراض المرض هو الإسهال المائي المصحوب بارتفاع في حرارة الجسم وقد تم تشخيصها من قبل أساطين الطب الشعبي على أنها “أم شقوق” التي يتم علاجها بالكي الساخن.
* ولا يساورني شك أن المشهد السياسي السوداني بحاجة ماسة لهذا النوع من العلاج بالتش بعد أن تحجر العقل السياسي و”تيبس” لدرجة أنه فشل في امتصاص الاحتقان العسكري الذي وصل لذروته وباتت حالة الاستقطاب العسكري والسياسي تتسيد المشهد السوداني.
* الرهان على أرواق المحاور الخارجية في زحزحة صخرة العسكرية من المشهد هو رهان خاسر وتتبعه اشتراطات لها تكلفتها الباهظة على شعبنا من واقع مصالح دول المحاور في بلادنا وهو ما تفسره أطماعها في موارد البلاد المتجددة منها وغير المتجددة.
* وتجربة دول المحاور في العديد من الدول من حولنا كانت فاشلة في ليبيا وسوريا واليمن والعراق، فانهارت الدولة وأصبحت المليشيات العسكرية هي من تمسك بزمام الأمور في تلك الدول التي وصلت فيها معاناة شعوبها لكارثة إنسانية بالغة التعقيد.
* فمصر تلعب لصالح أوراقها في الشرق الأوسط خصوصاً منطقة البحر الأحمر الاستراتيجية، فهي تحتل أراضٍ سودانية ذات أهمية استراتيجية قصوى وبالتالي فهي غير مؤهلة تماماً في لعب دور توفيقي لحل الأزمة إلا بما يحقق ذلك من أهدافها في البحر الأحمر وقضية سد النهضة.
* وفي الوقت الذي تهرول بعض النخب الموسومة بالسياسية نحو الإمارات فإن الأخيرة تستخدم أسلوب المناورة بين جميع الأطراف المتصارعة بالبلاد لصالح أوراقها في المنطقة خصوصاً عملية التطبيع الإسرائيلي الذي لعبت فيه دوراً مهماً ساهم في تمزيق (لاءات) الخرطوم الثلاث.
* وبعد أن استعصى علاج الحكيم للحال السوداني وتجلياته اتجهت جماهير شعبنا هذه المرة إلى الخيار الأخير _ وآخر العلاج الكي _ لتش كل أمراض الأزمة السودانية المتأزمة والتي كانت سبباً في الحروبات والنزاعات المسلحة.
* وواحدة من مساويك تش أم شقوق هو فتح كل المسكوت عنه في القضية السودانية على مرّ التاريخ ومناقشتها بشفافية خصوصاً تلك القضايا المتعلقة بالهوية وعلاقة الدين بالسياسة والجيش الوطني السوداني.
* والسودان الآن يمر بمرحلة مفصلية من تاريخه قد تنسف وجود الدولة ذات البناء الهش والتكوين المتخيل لجغرافيتها خصوصاً وأن عوامل عدة قد تقود نحو الانفجار على نحو مختلف مما جرى لبلدان من حولنا.
* إنهاء انقلاب 25 أكتوبر 2021م هو آخر طوق للنجاة من الانزلاق نحو هاوية الحرب الأهلية وهو ما يستدعي تضافر كل الجهود وتراص بنيان قوى شعبنا الحية من لجان مقاومة وأحزاب سياسية وحركات الكفاح المسلح خصوصاً حركتي الحلو وعبدالواحد.. يسعى هذا البنيان لتأسيس كتلة تاريخية تخاطب كل القضايا المتعلقة بالأزمة، بل والتي قد تشكل في المستقبل أزمة.. هذه الكتلة يجب أن تؤمن مكوناتها على تعميق مفهوم التحول الديمقراطى والعدالة الانتقالية لإنصاف ضحايا الانتهاكات الإنسانية على مدى التاريخ السياسي السودان ويأتي ذلك عبر ميثاق وطني توقع عليه القوى المؤمنة بأهميته..
* غير ذلك فإن هد المعبد هو ما تفكر فيه جماعة الإسلام السياسي كواحدة من الكروت الأخيرة نحو حرب الكل ضد الكل عن طريق أجهزة نظامهم الأمنية وخلاياهم العسكرية التي تنشط الآن في المشهد مثل الأمن الشعبي وكتائب الظل.