المسكوت عنه.. ظاهرة التحرش .. حياء أنثوي وجبن رجولي!!

خبير تربوي: عدم تطبيق القوانين والخوف من (الفضيحة) سبب التحرش
مواطنون: انتشار ظاهرة التحرش نتيجة للتسامح مع المتحرشين
داعية إسلامي: التحرش عمل لمن عمل له
مبادرة لا لقهر النساء: التحرش دائماً يتم في مساحة ضيقة مما ينفي وجود دليل
اختصاصي نفسي: يوجد تحرش بصري بالنظر للأماكن الحساسة من الجسد
تحقيق: فايزة أباهولو
أصبحت ظاهرة التحرش الجنسي تهدد المجتمعات من الطرفين الأنثوية والذكورية، فالتحرش غير مرتبط بجنس محدد فبنفس الطريقة التي يمكن للرجل أو الشاب التحرش بالأنثى أيضا يمكن للمرأة أو الفتاة التحرش بالشباب فهو سلوك يتعلق بالشخص أكثر من كونه ظاهرة، فالتحرش حسب ما قال عنه علماء الاجتماع والنفس يفقد الشخص ثقته في نفسه كلما تكرر وتعد ظاهرة التحرش من الظواهر المستحدثة في الأعوام الأخيرة التي ظهرت بكل قبحها داخل المجتمع السوداني ولم يقتصر التحرش الجنسي على الفتيات والسيدات فقط، بل وصل لدرجة التحرش ضد الأطفال والرجال أيضاً، فأصبحت الظاهرة في أشد الخطورة على المجتمع السوداني لتفشيها بطريقة سريعة جداً حيث ذكر عدد من المختصين لـ(اليوم التالي) أسباب التحرش وضرورة اتخاذ التدابير الجادة للحد منها، بصورة رادعة تحفظ للإنسان آدميته واتباع إرشادات مجتمعية تساعد في علاج ضحايا التحرش.

تشوه فكري
الشاب وائل علي قال لـ(اليوم التالي) إن التحرش هو فعل غير أخلاقي يدل على تشوهات فكرية ونفسية ناتجة عن الكبت الجنسي أو التربية الغير سليمة ولها بعد مجتمعي ونفسي منها ما يسبب الأذى النفسي حتى على المدى البعيد، ومنها ما يسبب الأذى المعنوي.
وأضاف وائل: للتحرش أنواع عديدة، منها التحرش اللفظي كالنطق بكلمات خادشة والتحرش المعنوي والتحرش بالتعابير مثل “الغمز” أو فعل حركات غير حميدة بتدخل مثل اللمس بأصابع اليد والتحرش الجسدي وهو الذي يعتبر أسوأ أنواع التحرش وينتشر بكثرة في الشارع العام وأماكن العمل والمواصلات العامة موضحاً أنه توجد أسباب عديدة للتحرش تعتبر ناتجة من إفرازات المجتمع والأسرة بشكل خاص ومن ضمن هذه الأسباب سوء التربية وانعدام الأخلاق وقلة الوعي الاجتماعي وأخطرها التسامح مع المتحرشين وأشار وائل الى أن التسامح مع المتحرش أدى إلى انتشار ظاهرة التحرش بشكل كبير في الفترة الأخيرة خاصة مع تهاون القانون والأجهزة الأمنية والعدلية والقضائية وعدم تجريمها ومحاربتها بكل الوسائل القانونية المتاحة وإنزال أقسى العقوبات عليها جعل الظاهرة منتشرة بشكل أكبر .
وشدد وائل على أن حل ظاهرة التحرش يأتي عبر نشر وتوعية الإنسان والمجتمع والنساء بشكل خاص بحقوقهم وتوعية الشباب والفتيات وتزويدهم بالقيم الأخلاقية وحثهم على تطبيق القيم والتعاليم الدينية لمثل هكذا أفعال وتصرفات وأهمها تجريم هذه الأفعال بموجب القانون وتسليط الضوء على هذه القضية بالوقفات الاحتجاجية والندوات وتفعيل الهاشتاقات في مواقع التواصل الاجتماعي بأشكالها المختلفة .
تحرش في الخفاء
ومن جانب آخر قالت رئيسة مبادرة لا لقهر النساء الأستاذة أميرة عثمان لـ(التالي) أن التحرش هو كل تعدٍ يتم من قبل شخص على آخر في مساحته الخاصة دون السماح له بذلك، وأضافت أن للتحرش أنواع عديدة منها التحرش اللفظي أو الجسدي وفي الحالتين يقوم الجاني بفعلته في الخفاء وهو مما يضعف دور الإثبات له، وأوضحت أميرة أن التحرش يعد نوعاً من انتهاك الإنسان لحق أخيه الإنسان ويمكن أن يصنف سوء سلوك أو مرض نفسي .
وأضافت أميرة: إلا أن للمجني عليه مخاوف تمنعه من التصدي على الجاني لسببين إن كان لدى الجاني سلطة على المجني عليها مثل أن يكون (أستاذ) بتعديه على الطلاب أو الطالبات وأصحاب العمل بالعاملين والمحامين بموكليهم، مشيرةً إلى ضرورة أن تكون هنالك أشكال عديدة للتدابير المختلفة لأن الجاني لا يترك أدلة أو شهوداً فيصعب إثبات ذلك للإدانة مما يعرض المنتهك للمساءلة قانونياً تحت إشانة السمعة، لذلك يجب وضع تدابير لمنع وقوع الظاهرة .
وطالبت أميرة بضرورة أن يكون جزءاً من التدابير فصل المدارس والجامعات بحواجز بينها وأن تحتم الفصل بفواصل زجاجية تكون تحت الرقابة الجامعية والذاتية مشيرة: إذا كان التحرش مثل ما يحدث في الأسواق أو الأماكن العامة والمواصلات لابد من تفعيل دور الحماية المجتمعية وتدريب المنتهكين والمنتهكات كيفية التصدي للمنتهك .
تحرش للأطفال
وأكدت أميرة أن أسوأ أنواع التحرش وهو ما يكون من البالغين مع الأطفال، وهنا يجب أن يكون الحرص والانتباة وتعليم الأطفال عبر الدروس والحديقة والمسرح والغناء وتعليمهم وتوعيتهم بالسلوك الغريب ويجب أن لا يتم تكذيب الأطفال فيما يقولون وأن يؤخذ كلامهم محمل الجد .
دور الإعلام
وأقرت أميرة بالدور الكبير الذي يلعبه الإعلام في المحافظة على القيم المجتمعية للحماية من سلوك التحرش ونبذه واستدعاء كل قيمنا الجملية في هذا الجانب.
ظاهرة دخيلة
ومن ناحية أخرى قال الخبير التربوي صابر أحمد لـ(اليوم التالي): أصبح هناك الكثير من الظواهر الدخيلة على المجتمع السوداني لم تكن موجودة منها ظاهرة التحرش الجنسي والاعتداءات التي تطال ضحاياه تسبب أذى نفسياً وجسدياً واجتماعياً وأمنياً كرد فعل للواقعة .
وأضاف صابر أن ظاهرة التحرش أصبحت مقلقة للجميع ولا أحد يعرف أين ومتى يمكن أن تتم وما هي سبل الحماية منها .
وأشار إلى أن سبب انتشار ظاهرة التحرش هي تفشي الأمية وزيادة أعداد الفاقد التربوي سبب في بروز هذه الجرائم وكثرتها إضافة لحالة الإخفاق الاجتماعي للجنسين الأولاد والبنات غير المتزوجين وانسداد الأفق أمامهم لدخول عالم المتزوجين يلجأ بسبب ذلك الشباب للبحث عن شريكة حياة باستخدام القوة أو الخطف في استمرار الظاهرة وعدم قدرة الشرطة على تغطية كافة المناطق بحضور أفرادها ومنح إحساس للمتفلتين بقرب حركة رجال القانون ضددهم وعدم وجود قوانين عقابية رادعة تجعلهم يخافون من عواقب التحرش بالآخرين.
إجبار وقهر
وقالت الطبيب النفسي الدكتورة ابتسام محمود لـ(اليوم التالي) إن المتحرش هو الذى لا يستمتع بالعلاقات الجنسية العادية، وإنما يسعده أن يأخذ ما يريده من الطرف الآخر بقدر من العنف والإجبار والقهر.
كما قالت يوجد متحرش استعراضي الذي يجد متعته في استعراض أعضائه التناسلية أمام الضحية ويستمتع بنظرة الدهشة والاستغراب والخوف على وجه من يراه وكثير منهم تحدث له النشوة ويقذف لمجرد حدوث هذه الأشياء وكما يوجد متحرش (تحككي) الذي يجد متعتة في الالتصاق بالضحية في الزحام والتحكك بها حتى يصل إلى حالة النشوة والقذف وآخر هستيري، فيغلب وجوده في النساء حيث تتحرش المرأة الهستيرية بالإغواء والإغراء للرجل الضحية لفظياً وجسديا حتى إذا تحرك نحوها صرخت واستغاثت بمن حولها لإنقاذها من هذا الحيوان الذي يريد أن يتحرش بها.
سلوك عارض
وقالت ابتسام أن هنالك تحرش عرضي أو التحرش الموقفي وهو سلوك عارض في حياة الشخص أو سلوك ارتبط بموقف معين وليس بالضرورة أن يتكرر على عكس التحرش المرضىي وراءه دوافع متجددة تدفع الشخص للتورط فيه من آنٍ لآخر، وكون التحرش مدفوع باضطرابات مرضية لا يعفي صاحبه من المسؤولية .
التحرش بالرجال
وقال أستاذ جامعي حجب ذكر اسمه لـ(اليوم التالي) إن التحرش لا يقتصر على المرأة، بل يوجد تحرش من جانب المرأة أيضاً تجاه الرجل، ويكون التحرش في عديد من الأماكن العامة خاصة المواصلات والأسواق، وهناك تحرش بالأطفال مشيراً الى أن أسباب التحرش بالمرأة قد تكون المرأة نفسها بسبب الملابس المثيرة والإيحاءات والاحتكاك بالرجال وإعطاء الرجل فرصة للتقرب منها والانفتاح الزائد، كل ذلك قد يؤدي إلى طمع الرجل في المرأة وتحريك غريزته تجاهها.
وقال الأستاذ: لابد من علاج ظاهرة التحرش بإخضاع الأشخاص المتحرشين لعلاج نفسي في مراكز متخصصة والتقليل من مظاهر الاختلاط بين الجنسين والتفريق بين الصغار والكبار في كل الأماكن والمناسبات.
بعد ديني
فيما كان للدين رأي آخر، حيث قال الداعية محمد أحمد لـ(اليوم التالي): من أسباب ظاهرة التحرش هو الابتعاد عن تعاليم الدين وانتشار التبرج في المجتمع السوداني بشكل مخيف حتى أن الكثير من الفتيات يمكن وصفهن دون حرج بـ”الكاسيات العاريات”، فلا يكاد لباسهن يستر شيئاً من أجسادهن فهن حاسرات الرأس والجيب وأعلى الصدر والساقين، كما أن هذا اللباس ضيق على الجسد فيصفه ويبرز ما تحته، فهذا اللباس يثير غرائز الشباب وشهواتهم، خصوصاً عندما يقترن اللبس الفاضح بالصوت العالي والحركات والإيحاءات الجنسية مشيراً الى انتشار ظاهرة التحرش بين الشباب غير الملتزمين بالأمر الإلهي بغض البصر وعدم النظر إلى المرأة الأجنبية، وبالتالي فهو ينظر حوله ليرى الكثير من الفتيات الكاسيات العاريات وما يرتدينه من ملابس فاضحة فتثار غريزته وتتحرك شهوته.
أزمة أخلاق
وقال محمد: انتشر التحرش بالمناسبات المختلفة مثل الأعياد وهو يشير إلى وجود أزمة أخلاقية تضرب جنبات هذا المجتمع، فقد اندثرت الكثير من الأخلاقيات والقيم الفاضلة وهذا التطور المخيف ناتج عن سوء التربية وانعدام الرقابة الأسرية وقال: تعد البطالة التي يعيشها الكثير من الشباب وحالة الترف التي يعيشها البعض منهم قائلاً: “فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل”، وهؤلاء ممن لا يجدون عملاً فصار الجلوس على المقاهي ومعاكسة الفتيات والتحرش بهن عملا لهم.
تحرش بصري
وقال الطبيب النفسي دكتور علي بلدو إن التحرش أصبح ظاهرة مقلقة وخطيرة في المجتمع السوداني بصورة مخيفة تنتشر في الأماكن العامة والأسواق والمناسبات، موضيفاً أن للتحرش أنواع كثيرة منها التحرش البصري بالنظر الى الأماكن الحساسة للطرف الثاني وغيرها من التحرشات، وقال بلدو: لابد من حلول الظاهرة بالتأهيل النفسي وتدعيم الشباب.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب